موضوع: المطالعة غذاء الفكر الأربعاء مايو 20, 2009 11:26 am
إن الكثير من الأفراد يقضون ساعات طويلة في زيارة الأهل والجيران وفي المحال التجارية ينتقلون من محل إلى محل من أجل شراء سلعة ما أو لمجرد تضييع الوقت، وكم من الأوقات تقضى في الانتظار: انتظار في عيادة طبيب أو انتظار مكالمة هاتفية أو انتظار موعد للتعيين في وظيفة، وكم من الساعات تقضى في تناول الطعام: غذاء الجسد. أفنبخل على عقولنا بشيء من الوقت نقضيه في ميادين القراءة: غذاء الفكر؟ إننا نقضي مع أصحابنا أوقاتاً كثيرة للسمر، ألا تكون لقاءاتنا أكثر جدوى ومتعة لو نحولها إلى شيء مفيد؟ لنأخذ كتاباً أو موضوعاً ليكون محوراً لنقاشنا وسمرنا بدلاً من الثرثرة الفارغة وأحوال الجو وشؤون الساعة وأنواع الطعام والخوض في الرياضة والملاعب الرياضية وآخر النكات الهابطة. ألا نشعر بالسمو والسعادة حين نخرج من سمرنا بأفكار نمت بالحوار وحصلت بالمناقشة؟ فما أعظمها من فائدة. ولو أن الفرد أحسن تنظيم وقته ووضع لنفسه قانوناً صارماً بعد عودته من عمله أن يقرأ كل ليلة ساعة قبل أن يأوي إلى فراشه فإنه يجد نفسه بين الملمين بالأدب أو غيره حسب نوع مطالعته إلى جانب عمله وتخصصه المهني كما أنه يشعر بسعادة غامرة لأن مطالعته تعينه على التفوق والنجاح والخوض في الحديث بكل شجاعة وثقة في كل مجلس يحضره سواء أكان مع أقرانه أم مع أفراد عائلته من خلال ما حصل عليه من قراءاته من كم هائل من المعارف التي تعد ثروة طائلة لا تضاهيها أي ثروة مادية. وهناك أمر مهم يجب الانتباه إليه هو ثمن شراء الكتاب وخاصة بالنسبة لمن دخله محدود إذ إن اقتناءه ليس ميسوراً له وذلك لارتفاع أثمان الكتب، وإن الشعور بالعجز عن شراء الكتاب ينمي لديه عدم الرغبة في القراءة في حين أنه ينبغي عليه أن ينمي في نفسه شعوراً بأن قيمة الكتاب فوق الكماليات وفوق كثير من الحاجات فعليه أن يفكر في طريقة تسهل عليه توفير ثمن الكتاب. فبإمكان الفرد ان يوفر من التدخين مثلاً ومن الاستغناء عن بعض السلع الاستهلاكية ومن إلى وضع خطة عملية لتوفير جزء من مصروفه الشخصي من أجور مواصلاته ومن ثمن ألعابه وممارسة هواياته، ما يكفل له إنشاء مكتبة قيمة على مر الأعوام، كما أنه يستطيع أيضاً ان يبدأ باقتناء الكتب المستعملة فذلك ربما يحل له مشكلة ضعف قوته الشرائية حيث ان معظم البلدان فيها أماكن لعرض الكتب المستعملة بأرخص الأثمان فتجدها على أسوار نهر السين في باريس وعلى سور حديقة الازبكية في القاهرة وعلى الأرصفة في شارع المتنبي في بغداد فإذا استحكم عجز الفرد عن الشراء فإن هناك فرصة للمطالعة وإشباع الرغبة في القراءة بواسطة المكتبات العامة ومع ذلك فمن الأفراد من يعزفون عن القراءة ولا يعيرونها أي اهتمام ولا تخطر في بالهم مهما طال وقت فراغهم وهم يتذرعون بأعذار واهية لا تمت إلى الحقيقة والمعقول بصلة متغافلين ومتناسين قول المتنبي: أعز مكان في الدنى سرجُ سابحٍ وخير جليسٍ في الزمان كتابُ صاحب حسون علي