موضوع: ليلة سقوط صنعاء . بقلم د/كمال بن محمد البعداني الجمعة يناير 23, 2009 1:38 pm
د/كمال بن محمد البعداني
فجأة! وجدت نفسي في ميدان التحرير مع صديقي نشوان، وهنا كانت الكارثة وكانت المصيبة!. حيث وجدت الرايات السود تملأ الميدان والآلاف من البشر يشجون رؤوسهم بالجنابي ويضربون ظهورهم بالسياط والسلاسل، والدماء متطايرة في كل مكان ولا تزال القبائل تتوافد إلى الساحة، فصرخت بأعلى صوتي: يا الله ! ماذا يجري هنا؟ ماذا اصاب قومي؟! رحماك يارب؟ فقال صاحبي: إنها مراسيم العزاء في عاشوراء. فقلت: اي عزاء ؟! وكيف حصل هذا ومتى؟! أجبني. وهنا ارتفعت الاصوات بالبكاء والنحيب، فقال: هيا ابكِ حتى لا ينكشف امرنا، فاخذت ابكي واصرخ بأعلى صوتي واضع يدي على رأسي، واقول : اسلاماه وا مصيبتاه وا خجلتاه من الأجداد. كيف وصلنا إلى هذا الحال؟! اين علماء اليمن؟! اين العمراني؟1 اين الزنداني؟! اين المنصور؟! اين الشامي؟! اين علماؤنا؟! فقال صاحبي: كلهم رحلوا. وهنا اقتربت منا موجه بشرية دفعتنا إلى الامام وكدنا ان نهلك فنجونا باعجوبة واصبحنا بالقرب من منصة، فنظرت واذا بها ممتلئة بالعمائم السود، فقال صاحبي: لاتندهش ! انهم كبار رجال الدولة. وبالمناسبة لم يعد اسم هذا المكان التحرير فقد اصبح اسمه «الميدان المقدس» فصرخت في وجه صاحبي وقلت : هؤلاء ليسوا قومي رغم ان البلاد بلادي فتعال معي اريك قومي. فاخذت بيده واتجهت به نحو المتحف الحربي، ومن شدة الزحام افلت من يدي فذهبت بمفردي، وما ان اقتربت حتى وجدت ان اسم المتحف قد أصبح متحف «المهدي» فدخلت مسرعاً باتجاه علي عبدالمغني وهنا كانت الطامة! حيث مكتوب عليه الطاغية علي عبدالمغني، فالتفت قليلاً فقرأت الطاغية حسن العمري، الطاغية السلال، النعمان، الكبسي، العلفي، ثم رأيت ويالهول ما رايت! ابو الطغاة محمد محمود الزبيري. نعم هكذا كتبوها! فلم احتمل ذلك، كل احرار اليمن صاروا طغاة كيف ذلك؟! فانهرت باكياً وجثوت على ركبتيّ إلى الأرض، وفجأة سمعت صوتاً يحمل القوة والحنان بقول : انهض، انهض. الآن تبكون كالنساء على وطن لم تحافظوا عليه كالرجال، فرفعت رأسي واذا به علي عبدالمغني فقلت : عفواً يا عقل الثورة! عفواً يا ابا الاحرار! عفواً يا بطل السبعين! عفوكم جميعاً يا سادتي!.. لقد خدعنا، نعم.. خدعنا واستبد بنا الخداع، ظننا ليس الماضي ذراع، وصرخت بأعلى صوتي: خدعنا خدعنا! وهنا تنبه الحراس فحاصروني وصوبوا اسلحتهم نحوي، ثم انقضوا علي، وفي هذه اللحظة المرعبة استيقظت من منامي على صوت المؤذن ينادي لصلاة ا لفجر، فادركت اني كنت في حلم مزعج وكابوس قبيح فسجدت لله سجود الشكر على ان هذا حلم وليس حقيقيه، ثم قمت بفتح النافذة واذا بي اسمع النداء الخالد ينطلق من مساجد صنعاء يشق عنان السماء. نعم من صنعاء الاسلام.. صنعاء الثورة.. صنعاء عاصمة اليمن الواحد الموحد، فذرفت عيناي بالدمع ورفعت يداي إلى السماء ودعوت لاخواني المرابطين في جبهات القتال من القوات المسلحة والامن الذين يقدمون ارواحهم كي لا يتحول ذلكم الحلم المزعج إلى حقيقه والعياذ بالله. فأخذت احدثهم وتخيلت انهم يسمعون حديثي. فقلت لهم : ياحراس العقيدة! ويا حماة العورة! انتم جمرة العرب واحفاد الانصار. اعلموا ان السقوط الفكري للشعوب هو ابشع من السقوط العسكري للبلدان. اجدادكم حملوا مشاعل النور إلى الدنيا فحافظوا عليها في بلادكم. قاتلوا هؤلاء المرتزقة، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، فوالله ثم والله ان قتالهم جهاد كما افتى بذلك شيخ الاسلام في اليمن القاضي العمراني. قاتلوهم وأخلصوا لله النية، حتى اذا رزق احدكم الشهادة قدم على الله وقال :يارب ! قتلت وانا ادفع عن دينك من التحريف وعرض رسولك من التشويه. نعم .فقد عرفتم ما في كتبهم ورأيتم شعاراتهم المكتوبة في الجبال وما فيها من فحش وفجور في حق زوجات الرسول واصحابه العدول، فمن ذبّ عن عرض رسول الله وصحابته ذبّ الله عن عرضه يوم القيامة. يا احفاد من حملوا الرسالة وفتحوا الدنيا بأسرها! اذا كان هناك من ضعفاء النفوس من يتساقطون في هذا الدرب فإن هذا لن يخيفنا فلا تتساقط إلا الاوراق الصفراء. فثقتنا بعد الله هي بكم وبصمودكم. يا أبطالنا! اعلموا ان غبار اقدامكم هو عندنا اشرف واغلى من الف قلم يحاول اصحابها خذلانكم والنيل من حماسكم. واعلموا يا رعاكم الله! انكم لا تقاتلون من اجل اشخاص بل تقاتلون حتى لايحرف الدين او يمزق الوطن، تقاتلون لتظل اليمن صحيحة العقيدة وعربية الهوية. وليكن شعاركم هو شعار سيف الله المسلول خالد بن الوليد عندما قام بعزله القائد الاعلى للقوات المسحلة الاسلامية الفاروق عمر بن الخطاب، فحاول بعض المرجفين ان يوغروا صدر خالد، فقال لهم : انما حصل ليس لعيب في خالد ولا حقد عند عمر ولكنها حكمة القائد وعلينا الطاعة، فنحن نقاتل من اجل رب عمر ولا نقاتل من اجل عمر. يا رجاءنا بعد الله! ويا عزوتنا ويا سيوفنا! اذا جاء النزال نريد منكم ايمان ابي بكر، وإقدام علي، وطاعة خالد. والله ندعو ان يرحم موتاكم ويشفي جرحاكم وينصركم على عدونا وعدوكم.