ا أدري كيف أبدأ ولكنني سوف أبدأ أتذكر ذلك اليوم نعم ذلك اليوم هو آخر امتحان لي بعد شهر من المذاكرة والجد والاجتهاد والمثابرة والتعب والإرهاق والبكاء في ظل حب أمي ونصائح أبي ودعوات جدتي ودعم إخواني وخوفي وخوف زميلاتي في تلك اللحظة لم أكن أشعر بيديّ عندما كانتا تكتبان الإجابة ولا أعي ماذا أكتب وفكري متجه إلى ما بعد الامتحان : ماذا سأفعل وماذا سأقول وما الذي سأشعر به ؟؟...
وفي هذه اللحظات وبينما أنا شاردة الذهن عدت إلى ورقة الإجابة لأتأكد من إجاباتي وكانت إجاباتٍ لم أستطع أن أجيب مثلها في امتحان سابق ولكن لحظة...ما هذا السؤال!!!
جلست أفكر برهة هذا السؤال له أكثر من إجابة ماذا؟؟؟؟...
أكثر من إجابة كيف يكون ذلك نعم ولكن ما هي الإجابة الصحيحة يشرد ذهني ويعود إلى المراجع لا أدري أي المراجع أفتح في ذاكرتي فهي كثيرة والمسائل لا تعد ماذا أفعل بدأت أفكر وأفكر لكن دون جدوى يديّ ترتجفان وقلبي يخفق بقوة وأتعرق أتلفت يميناً وشمالاً ماذا عساي فاعلة! فكل الأسئلة قد أجبت عليها أحاول الحصول على الإجابة من ذاكرتي لكني لا أستطيع وفجأة هناك خوف ينتابني نعم خوف لا أدري لماذا تسافر ذاكرتي بعيداً لكن إلى أين يا ترى ؟؟..
أصوات في ذهني تتداخل الله ...الرحيم ...الغفور..الحليم القهار..يا رب يوفقك... ربنا معاك ..على مهلك عند قراءة أسئلة الامتحان .. لا تجلسي مع أصحابك قبل الامتحان .. أصوات الأذان الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله .........دموع تنهمر من عينيّ لا أدري لماذا ؟!!..
أحاول إخفاءها من أعين المعلمات أضع رأسي أسفل الطاولة تأتي المعلمة تسألني عن حالي فأجيبها قائلة: أنا بخير والحمد لله لكن فكري في ماذا؟ يا الله كيف يكون ذلك أسئلة ..أسئلة.. من أين أنا ومن أنا وكيف كنت ؟؟ أستدرك بعدها لأجد إجابات
أكنت عدماً نعم عدم!! لاشيء يذكر وما مصدر وجودي الله جل جلاله الله الرحمن الخالق المدبر لكن ممَّ خلقني ؟من أطهر عنصرين على الوجود هما الماء والتراب وهو إعلان منه بنقائي وصفائي أسجَدَ لي ملائكته ويا له من تكريم.. ورفعاً لشأني ُينّزل سخطه على إبليس عندما أبى السجود لي لكن ماذا كان قبلي ماذا حدث؟
خلق الكون وجهزه وأبدعه فكان مجهزاً وميسراً لي لكي أعيش نعم أعيش لأعبده لا أستعبد!!وكلمة أستعبد تعني الكثير أي لا أسعى إلى كسب المال وأكون عبداً للمال لا أسعى وراء شهواتي فأكون عبداً لهواي ونفسي ولكن لكي أعبده حق عبادته يا لها من كلمة نسمعها ونرددها عندما يسأل أحدنا لماذا خلقنا وما أبعدنا عن معاني هذه الكلمة.. فكم هي المرات التي عصينا فيها وكم هي المرات التي أذنبنا فيها ولم نعد إلى الله وهو جل وعلا حليم علينا يغفر لنا ويرحمنا ماذا بعد هذا نريد أهناك أعظم من ذلك ؟لا والله فهو الذي كان معي في رحم أمي معي عندما كنت أرضع الحليب منها.. معي عند بروز أسناني.. معي عند حب أمي وأبي لي ..معي عند حضن جدتي لي , معي عند اجتماعي وأسرتي كل يوم في الأسبوع معي عند مداعبة الأطفال معي عند مشاعر المحبة التي تجمعنا أنا وصديقاتي إذا كان معي في كل هذا ألا يكون معي في هذه اللحظة !!!!
يا لوقاحتي كيف لا يكون معي وهو الكريم الودود الرحيم الصبور الجبار القادر العزيز معي على الرغم من معصيتي ومن تقصيري وضعفي وحاجتي يحمّر وجهي خجلاً وينفطر قلبي قهراً لبعدي عن رحمته أو بقربي منها لكن وضعي غمامة سوداء أمام الهدف الحقيقي في الحياة وهي عبادته جل وعلا يزداد انهمار الدموع من عينيّ وفجأة تنزل سكينة على قلبي وطاقة أشعر بها تتحرك داخلي بدأت أفكر في إجابتي للسؤال احترت بين إجابتين ولكني أيقنت الإجابة الصحيحة ليس بذكائي ولا بمذاكرتي ولكن بيقيني أن من استعنت به خير معين علت وجهي ابتسامة لم تعله منذ فترة طويلة انتهى الوقت هذا هو صوت المعلمة وتطلب منّا تسليم ورق الإجابات أسّلمها ولسان حالي يردد يا جبار اجبرني ويا وكيلي في الدنيا والآخرة وأردد قوله تعالى ((نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة)) خرجت من القاعة وعادة ما تعترضني إحدى صديقاتي سائلة عن إجابات الأسئلة تعلو وجهي ابتسامة عريضة واذهب لأجمع كتبي لأتأكد من إجاباتي لأني موقنة برحمة الرحيم وقوة القدير وبينما كنت كذلك تأتي إحدى زميلاتي قائلة : هل كانت إجابتك كذا قلت: نعم قالت : هنيئاً الإجابة الصحيحة زاد وجهي إشراقاً بهذا وكبّرت بداخلي إعلاناً بالودود المتعالي الذي إذا سئل منح دون حساب إعلاناً برجوعي إليه وتوبتي عن كل ما فعلت من ذنوب ومعاصٍ فهو الله الذي لا إله إلا هو له ملك السماوات والأرض وهو حيٌ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
سارة أحمد محمد