ما إن تفوهت بكلمات " الشباب ألم وأمل " إلا ووجدت نفسي غارقاً بسيل منهمر من العتاب ،لماذا الحديث خاص بالشباب ؟! ولماذا هذا التهميش للمرأة ،والغفلة عن مشاكلها وقضاياها ؟!
وهاهو أخيتي "الفتاة ألم وأمل " بين يديك ، علماً أني يعلم الله قد طويت النية من تلك اللحظات التي أهديتُ فيها الشباب تلك الكلمات ، أن أوجه مثلها للفتيات . أما سبب التأخير فهو ذلك السيل الهادر، والبحر الكاسر من أكوام الورق والأخبار ، والصور والمواقف، والمشاكل والعقبات عن حال بعض بنات اليوم حتى أنني وقعت في حيرة وتردد ، وإقدام وإحجام عن الحديث للفتاة فهل أكون صريحاً فأتهم ،أم تكفي الإشارة والتلميح فأخشى أن يأتي العلاج بارداً باهتاً لا لون له ولا طعم . فآثرت التوسط بين التصريح والتلميح .. وهنا يعذرني الكثير من الاخوة والأخوات لترك ما ذكروه من بعض الصور والمواقف من باب حدثوا الناس بما يعقلون ،ولعل مثل هذه المظاهر شواذ ؛ فالكثير من أخواتنا وإن بعدت عن الله فإن فيها خيراً كثيراً،وفيها حباً لله ولرسوله لكنها الغفلة . ورسالتي هذه ليس لها حدود ، لا بجنس ولا سن ، بل هي تنبيهاً لكل أخت أسرفت على نفسها بالمعاصي والذنوب،وتذكير لكل بنت أصابها شيء من الغفلة والتقصير .وأعرف بدءً أن الأبوين يشاركان الفتاة في بعض مشاكلها ، لكن ليس لهما نصيب من حديثي الليلة ،ولعله حديث خاص في مستقبل قريب إن شاء اللهُ تعالى .
وقد اعتمدت بعد الله على استبانة قام بها بعض الباحثات ،وكان عدد العينة في الاستبانة (759) فتاة ،واستفدت أيضاً من عدد من الاستبيانات قامت به بعض المجلات :كالدعوة ،وتحت العشرين ،ومن المشاركات من كثير من الاخوة والأخوات ،فشكر الله الجميع ،وجزاهم عني وعن المسلمين خير الجزاء .وأسأله التوفيق والسداد ،والعون والقبول والصواب .
أيتهـا الأخــت:
أُقلب طرفي أتأملُ،فيتألم القلب ويأمل،ويحزن ويفرح،ويسعد ويشقى .من أجلك أنت،فأنا كغيري من الناصحين أحمل همك في الليل والنهار،وفي اليقظة والمنام ..أيْ والله
فما طَوَّفَتْ بالقلبِ مني سحــابةٌ من الحزنِ إلا كنتِ منها على وعـدي
ولا رقصتْ في القلبِ أطيافُ فرحةٍ فغنّتْ إلا كنتِ طــالعـةَ السّعـدِ
أثـرتِ ابتسامتي وأحييتِ لوعـتي فمن أنتِ يا اُنسي ومن أنتِ يا وَجْدِي
إنها أنت أيها الأمل : فالقلب يشقى ويحزن ويتألم عندما أراك أُلعوبة تتأرجح ،وسلعة رخيصة ، وفتاة لعوبا لا هم لها سوى اللذات والشهوات . ويسعد القلب ويفرح ، ويعقد الآمال وأنت تصارعين طوفان الفساد ،وتصرخين في وجه الرذيلة :أنا مسلمة مستقيمة ، وبنت أصيلة ،أعرف أن للمكر ألف صورة وحيلة .
أختاه ..أيتها الغالية ..يا نسمة العبير ،أنت بسمتنا المنشودة ،وأنت شمسنا التي تبدد الظلام،فا سمعي هذه الكلمات ..إنها ليست مجرد كلمات ..بل هي وربي آهات قلب المؤمن الغيور..فيا أيتها الأمل :تعالي قبل فوات الأوان فاسمعي هذا النداء ،فربما عرفت الداء ،والدواء ..
تعـــاليْ هذه الأيامُ لا تَرْجِــعْ
ولا تُصـغي لنا الدنيا ولا تَسمـعْ
ولا تُجدي شِكاةُ الدهـرِ أو تنفعْ
********
تعـالي نحن بعثــرنا السُّويعَـات
وضحَّينـا بــأيامٍ عَــزيـزات
فيـا أُختـاه يكفينـا حَماقــات
********
أجـلْ يا أختْ ما قد ضاع يكفيـنا
فَعُـودي هـاهو العمـرُ يُناديـنا
فـلا نُخْـرِبْه يا أُخـتُ بأيدينــا
أخيتي :اسمعي هذه الكلمات ،بعيدا عن إله الهوى والشهوات ، فربما رق القلب فانقلب بعواطفه وأشجانه،وربما صحا الضمير فيحس بآلامه وآماله،وربما تنبه العقل ليتحرر بأفكاره وآرائه،إنها إشراقة لتشرقي في سمائنا يا شروق !!.وهي الحنان من نبع لا يجف يا حنان !!.إنها الأمل الذي نرجوه يا أمل !! فهل أنت أمل فنعقد عليك الآمال ؟ أم أنت ألم فتزيدين الآلام آلاما .
** كتبت فتاة رسالة ـ بعد سماعها للشباب ألم وأمل ـ وكانت رسالتها ستاً وعشرون صفحة ،وعنونت لها ( الفتاة ألم بلا أمل ) وقد كتبتها بدم قلبها ،ووقعتها باسم :أمل ،وهي أمل إن شاء الله رغم كل ما كتبته ،فقلب يشتعل حرقة وندماً سيصل في النهاية مهما طال الطريق ، ومما قالت فيها :" المثيرات تحاصرني من كل مكان … قنوات فضائية .. أفلام هابطة ..أغانٍ وأشرطة تحوي كلام ساقط ،إلى من ألجأ في مثل هذه الظروف ،ارحموني نهايتي تقترب ..أوجدوا حلا لمعاناتي .. اسمعوا صرخاتي .. من قلبي .. من أعماقي ..أسرعوا في إيجاد الحل فها أنا اقفل حقائبي وألملم شتات نفسي للرحيل .. لقد عزمت على الرحيل .." الخ كلامها الذي سأعود إلى بعضه في هذا الدرس وغيره .
** وتتحسر أخرى فتقول: "أبحث عما يريح نفسي من الهم الذي أثقلها ..لم أجد في الأفلام أو الأغاني أو القصص ما ينسيني ما أنا فيه ..لا أدري ،ما الذي أفعله ؟وما نهاية هذا الطريق الذي أسير فيه .." [المعاكسات ..من التسلية إلى الزنا ص 72] .
** وثالثة تبث همومها وأحزانها كما ذكرت ، وتقول:" أعيش في موج من الكدر يحرم عيني المنام ،فأنا دائماً أُفكر في حالي ،وكيف أبحث عن السعادة ، فأنا كما يقولون :غريبة ،والغربة هنا ليست غربة المكان ، ولكنها غربة الروح ،وغربة المشاعر الحزينة ، التي تشتكي بين ضلوعي لما أفعله تجاه ربي ونفسي والناس ، فلقد طال صبري كثيراً على حالي ،فمتى وقت رجوعي .؟!." [من الاستبانة ]
**ورابعة تصرخ فتقول : "أُقسم بالله أن أياماً مرت عليَ حاولت فيها الانتحار ،ولكن كل محاولة تفشل ، لا أعلم لماذا ؟هل الله يريد أن يُطيل بعذابي ، أم أن أجلي لم يحن بعد ؟ ولكن ما أعرفه أنني أموت كل يوم وليلة .." [الاستبانة 107 الشرقية ]
وهكذا تتوالى الآهات والحسرات من الكثير الكثير من الفتيات الغافلات .
أيها الاخوة والأخوات : ارحموا الفتيـات
أيهــا المــجتـمـــــــع:رويداً رويداً بالفتاة
أيها الآباء والأمهات:حناناً وعطفاً للفتاة
أيهـــا الإعـــــلاميـــون : رفقاً بالقواريـر
أيهــا الشباب:اتقوا الله في الأزهار والورود
لم يبقَ من ظلِّ الحياةِ سوى رَمـقْ وحُطامُ قلبٍ عاشَ مشبوبَ القلقْ
قد أشرقَ المصباحُ يوماً..واحترقْ جفتْ به آمـالُهُ حـتىَّ اخـتنق