بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله إن الدنيا أدبرت عني وتولت . قال صلى الله عليه وسلم له:
فأين أنت من صلاة الملائكة(1)، وتسبيح الخلائق وبه يرزقون (2)، قل عند طلوع الفجر(3)، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، أستغفر الله مائة مرة (4)،
تأتيك الدنيا صاغرة.
أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فولى الرجل فمكث
ثم عاد فقال: يا رسول الله لقد أقبلت علي الدنيا فما أدري أين أضعها.
هذا الحديث لم يرد في الكتب الصحيحة ولم يروه إلا الخطيب، إلا أن له مؤيدات من الكتاب والسنة تثبت صحته،
وقد قال تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً.
وفي ما يلي هذه المؤيدات.
مؤيدات الحديث من القرآن والسنة
أولا: بيان أن صلاة الملائكة هو التسبيح والاستغفار.
قال تعالى : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ ومَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِم ويُؤْمِنُونَ بِهِ ويَسْتَغْفِرُونَ للَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ للَّذِينَ تَابُوا واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ (7) غافر
وقال تعالى: تَكَادُ السَّمَواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ والْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ويَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأَرْضِ ألاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) الشورى
ثانياً: بيان أن سبحان الله وبحمده هي صلاة كل شي وبه يرزق كل شيء.
روى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه (واللفظ له):
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ محمد بن يعقوب ثنا أبو الربيع الزهراني وأحمد بن إبراهيم قالا ثنا حماد بن زيد عن الصقعب بن زهير وحدثني محمد بن صالح بن هانئ واللفظ له ثنا إبراهيم بن أبي طالب ثنا أبو قدامة ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت الصقعب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال
أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي عليه جبة من طيالسة مكفوفة بالديباج فقال إن صاحبكم هذا يريد رفع كل راع وابن راع ويضع كل فارس وابن فارس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فجلس فقال إن نوحا لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال إني قاص عليكما الوصية آمركما باثنين وأنهاكما عن اثنين أنهاكما عن الشرك والكبر وآمركما بلا إله إلا الله فإن السماوات والأرض وما فيهن لو وضعت في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح منهما ولو أن السماوات والأرض وما فيهما كانت حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليهما لقصمتهما، وآمركما بسبحان الله وبحمده فإنهما صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء، هذا حديث صحيح الإسناد.
ثالثاً: بيان أن طلوع الفجر أحب أوقات التسبيح والاستغفار:
قال تعالى : فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقُّ واسْتَغْفِرْ لِذَنَبِكَ وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ والإِبْكَارِ (55) سورة غافر
وقال تعالى : لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (9) الفتح
وقال تعالى: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ (50/39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ. (سورة قاف)
وقال تعالى: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) طه
رابعاً: بيان أن الله سبحانه وتعالى يقسم الأرزاق في هذه الفترة.
عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قالت: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجعة منصبحة فحركني برجله ثم قال «يا بنية قومي اشهدي رزق ربك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس». رواه البيهقي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «باكروا للغدو في طلب الرزق فإن الغدو بركة ونجاح». رواه البزار والطبراني في الأوسط، وعن عثمان رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نوم الصبحة يمنع الرزق». رواه أحمد والبيهقي وغي
رهما وفي زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة للإمام السيوطي «إذا صليتم الصبح فافزعوا الى الدعاء وباكروا في طلب الحوائج اللهم بارك لأمتي في بكورها وعزاه الى ابن عساكر في تاريخه عن علي ــ رضي الله عنه ــ
خامسا : بيان أن التسبيح والاستغفار مئة مرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده).
رواهما البخاري وغيره
عن حذيفة رضى الله تعالى عنه أنه قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رجل ذرب اللسان وإن عامة ذلك على أهلي فقال فأين أنت من الاستغفار إني لأستغفر الله في اليوم والليلة أو الليلة أو في اليوم مائة مرة.
وعن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من قال إذا أصبح مائة مرة وإذا أمسى مائة مرة سبحان الله وبحمده غفرت ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد الب
حر.
رواهما الحاكم في المستدرك
سادسا: بيان أن الاستغفار من مفاتيح خزائن الله، ويأتي بحذافير الدنيا صاغرة، وهي:
المتاع الحسن.
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) هود
زيادة المال.
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم إِنَّه كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُم جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا (12) نوح
زيادة القوة
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) هود
(ومنهم من يرى أن معنى القوة هنا ينصرف إلى كل ما يتقوى به الإنسان به في الحياة وليس القوة البدنية فقط).
الأمان من العذاب.
وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ ومَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)
البنين (سورة نوح( ومنهم من يرى أن المقصود بهاالذكور دون الإناث.
هطول المطروالجنات والأنهار (سورة نوح).
الفرج من كل هم والمخرج من كل ضيق واليسر من كل عسر.عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ((مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ)).
فائدة:
يستحب أن يكون التسبيح والاستغفار في الصباح والمساء لدلالة الشواهد على ذلك
والله أعلم وهو سبحانه ولي التوفيق.
رحم الله من أعان على نشرها
“فواللهِ لأنْ يَهدِيَ اللهُ بكَ رجُلاً خَيرٌ لكَ من أن يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَم”
صدق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا