و بحلول عام 973ق م تولي سليمان الحكم خلفاً لوالده داوود عليه السلام ولكن التاريخ الأهم هنا هو أن سليمان عليه السلام قد شرع في بناء هيكل سليمان الشهير الذي يتخذه اليهود السبب الأهم لهدم المسجد الأقصى في بعد اعتلائه الحكم ب 4 سنوات
وهو ما يذكره السفير أحمد الملا في مقاله "حقيقة هيكل سليمان وحائط المبكى" المنشور في الأهرام في 26/11/1999 حيث يقول"
"ولي سليمان عليه السلام الحكم في القدس بعد وفاة والده داوود عليه السلام واستمر حكمه نحو40 عاماً (من سنة 973 حتى 933 ق. م.) ووطد علاقات الصداقة مع ملك مصر وملك صور، وشرع سليمان في بناء الهيكل لعبادة الإله الواحد في السنة الرابعة لجلوسه على العرش، واستغرق بناؤه 7 سنوات أي أنه تم حوالي سنة 962 ق. م. وكان الهيكل بناءً صغيراً مساحته 300 متر مربع، وبطول 100 قدم وعرض 35 قدماً، وأشرف على بنائه فنيون من مصر ومن صور، وحينما احتل نبوخذ نصر حاكم بابل القدس دمر الهيكل وأزاله سنة 586 ق. م. كما أسر صدقيا ملك اليهود وأرسله إلى بابل ومعه 50 ألف أسير."
أي أنه من الراجح حسب آراء العديد من المفكرين أن الهيكل قد شرع سليمان عليه السلام في بنائه بعد أن بدأ فعلىاً في استكمال المسجد الأقصى الذي شرع فيه وحدد موقعه والده داوود عليه السلام فكيف بالله علىكم يقوم سليمان عليه السلام ببناء الأقصى وفي نفس المكان بالتحديد كما يزعم اليهود يقوم ببناء الهيكل !!! هل من المنطقي أن يشيد بناءين مختلفين في نفس الرقعة الأرضية ؟؟؟!!!!
وبعد موت سليمان عليه السلام يتوالى الحكام حتى نصل لما يعرف تاريخياً " نفي بابل" أو " سبي بابل" حيث سقط بنو إسرائيل في أسر ملك بابل عام 587 ق م فذاق أهلها الجوع والمرض.. وقام ملك البابليين "نبوخذ نصر- بختنصر" بنهب المدينة ودك سورها ودمر الهيكل الذي بناه سليمان وأخلى شعبها إلى بابل فيما يسمى بالسبي البابلي فقتل منهم من قتل واستعبد من لم يقتل وهكذا انقرضت مملكة يهوذا وأصبحت كلمة بابل هي العلىا في أورشليم التي كان يسميها البابليون (أورو- سالم) وأصبحت البلاد كلها مستعمرة بابلية تدفع الضرائب لبابل وتتكاتب معها وأصبحت اللغة البابلية هي اللغة الرسمية للبلاد حتى جاء الغزو الفارسي.
ومن الجدير بالذكر أنه في هذه الفترة ظهر نبي الله أرميا ـ حسب بعض الروايات ـ حيث يقول الطبري في هذا:
"أن أرميا بن حزقيا كان من أنبياء بني إسرائيل ومن سبط لاوي، في عهد صدقيا آخر ملوك بني يهوذا ببيت المقدس. ولما توغل بنو إسرائيل في الكفر والعصيان أنذرهم بالهلاك على يد بختنصر، وكان فيما يقوله أرميا: "أنهم يرجعون إلى بيت المقدس بعد سبعين سنة. يملك فيها بختنصر وابنه وابن ابنه ويهلكون، وإذا فرغت مملكة الكلدانيين بعد السبعين يفتقدكم".
وظلوا على هذا الحال حتى استطاع الملك "قوروس" ملك الفرس التغلب على البابليين في عام 546 ق. م.حيث قام كورش ملك الفرس بالهجوم على بابل، وهزم البابليين مستغلاً حالة الضعف التي سيطرت على دولتهم، وبعض الأسرى من اليهود، حيث عملوا له كجواسيس ومرتزقة، وأخذ يمنيهم بإعادة بناء هيكلهم. بل وتزوج منهم فتاة يهودية تدعى أستير. فلما تمكن من الامبراطورية البابلية فتح الباب أمام عودة اليهود إلى أوروسالم، وكان ذلك ليس أمراً خاصا باليهود فقط، فقد سمح بعد ذلك بإعادة كهنة آمون في سيوة إلى مراكزهم الدينية وسمح لهم بإعادة ترميم المعابد المصرية، وهو ما يعني سياسة عامة للتسامح الديني في بداية الحكم الفارسي.
أي وقع اليهود تحت سيطرة الفرس لزهاء قرنين كاملين.ولا نغفل هنا عن ذكر أن قوروش قد سمح لهم ببناء الهيكل للمرة الثانية,وقد ظلوا أعواماً كثيرة يجاهدون في بنائه فمع توالي الحكام بعد قوروش توقف البناء أكثر من مرة لرفض هؤلاء الحكام بناء الهيكل , ويقول جوستاف لوبون عن هذه الفترة:
" إن اليهود لم ينعموا باستقلال حقيقي لأنهم كانوا مهددين من ملوك فارس الذين كانت تساورهم الريبة حول كل حجر يضاف إلى الأسوارآمرين بوقف العمل في غير مرة"
رغم ذلك استطاعوا إتمام بناء الهيكل من جديد في عام 515 ق م في عهد دارا الأول الفارسي. أي بعد سبعين سنة من السبي البابلي على يد بختنصر، كما أخبرهم بذلك نبي الله أرميا.
وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الفترة في سورة الإسراء حيث ذكر قيام اليهود بالإفساد في الأرض(فلسطين ) مرتين كانت تلك أولهم حيث قال تعالى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا علىكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عليهمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً{6} إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً{7} عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً{8}﴾
ثم ومن بعد الفرس ما فتئ الفرس الأغارقة والرومان يبسطون سلطانهم المرهوب بالتتابع على تلك المملكة الهزيلة فتتميز هذه المملكة غيظاً من هذا الاستعباد المتصل
وظل الأمر هكذا حتى ميلاد المسيح وكان مولده ـ عليه السلام ـ في بيت لحم، لأمه مريم بنت عمران، صاحبة الكرامات المشهورة والتي كانت أمها قد نذرتها للعبادة والخدمة في بيت المقدس، وبلا أب في أول ولادة خارقة للعادة بعد خلق آدم وحواء. وقد كان وقع هذه الخارقة شديداً ليس على بني إسرائيل بل على مريم نفسها، التي أشفقت من نظرات من حولها فذهبت تدعو على نفسها ((يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً))،
وعندما ألح اليهود في سؤال مريم: من أين أتيت بهذا الغلام؛ أنطقه الله في خارقة جديدة: "قال أنا عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا"، فصدق المؤمنون بآيات الله وأولهم زكريا عليه السلام
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً{23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً{24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ علىكِ رُطَباً جَنِيّاً{25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً{26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً{27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً{28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً{29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً{32} وَالسَّلَامُ على يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً{33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ{34}﴾"مريم23-34
فاضطرت مريم للجوء لمدينة الناصرة حيث شب وكبر المسيح عليه السلام حتى أتته النبوة فرجع واتخذ المسجد الأقصى منبراً للدعوة ورغم معجزاته الكبرى ورغم إيمان عدد من اليهود به وبدعوته إلا أن باقي اليهود كانوا يرفضون بقاءه فوصل بهم الكفر إلى أنهم أرادوا أن يتخلصوا من عيسى ـ عليه السلام ـ بقتله؛ فوشى به بعض اليهود إلى الملك الروماني، وقالوا إنه يحرض الناس على عدم طاعة الرومان وإعطاء الجزية لهم.
وبعد أن كثرت شكاواهم ضد المسيح ـ عليه السلام ـ، أصدر الوالي الروماني "بيلاتس" أمراً بالقبض عليه وصلبه.
فسعى الجنود الرومان للقبض على المسيح الذي علم بتآمر اليهود فاختفى عنهم، إلا أن أحد تلاميذه وهو يهوذا الأسخريوطي، تحت إغراء المال، قام بإدلائهم على مكانه، وعندما جاؤوا للقبض عليه نجى الله نبيه عليه السلام ورفعه إليه، وألقى الله شبه عيسى على الخائن يهوذا الأسخريوطي (ويقال أن لقب الأسخريوطي تحريف للفظ العبري السيكاري وهو من الأفراد الذين ينتمون إلى السيكاريين الإرهابية)، فظن الجنود الرومان واليهود أنه هو عيسى فصلبوه وهم يظنون أنهم صلبوا المسيح. قال تعالى :
: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ﴾النساء157