موضوع: كيف تُصنَّف الألوان الجمعة مايو 22, 2009 11:43 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف تُصنَّف الألوان
يعتقد الخبراء أنه ربما يمكننا أن نميز عددًا من الألوان يُقدر بنحو 10 ملايين. يختلف كل لون من هذه الألوان عن بقية الألوان في واحد من درجات النقبة أو الإضاءة أو كثافة اللون أو اثنين منها أو جميعها. وتسمياتنا للألوان غير مضبوطة؛ حيث إنها لا تسمح لنا أن نصف بدقة كل الألوان التي نراها. ونتيجة لذلك، يجد الناس غالبًا صعوبة عندما يحاولون وصف أو تناسب لون محدد. فتناسب الألوان مهم جدًا وبالأخص في صناعات مثل صناعتي الطلاء والنسيج. ومن مهام صانعي الطلاء أو النسيج تقليل الفروق في لون مخصوص لطلاء أو قماش من دفعة طلاء أو ثوب قماش إلى دفعة أخرى أو ثوب آخر.
وقد طوّر خبراء الألوان طرقًا وأسسًا مختلفة لتصنيف الألوان حتى يتسنى لهم التغلب على مشكلات وصف الألوان وتناسبها. وهناك اثنان من نظم التصنيف المستخدمة على نطاق واسع هما: 1ـ نظام ميونسل لتصنيف الألوان 2ـ نظام الوكالة الدولية لمواصفات الألوان.
نظام ميونسل للألوان نظام ميونسل لتصنيف الألوان. أحد وسائل تصنيف الألوان المفيدة والأكثر رواجًا.طُوِّر هذا النظام في أوائل القرن العشرين بوساطة ألبرت ميونسل، وهو رسام ُصورٍ شخصية، أمريكي الجنسية.
ويمكن عرض نظام ميونسل بأساليب مختلفة. يَعْرِض أحد الأساليب الشائعة عينات مختلفة من الألوان مرتبة حول محور رأسي. والنُّقَب المختلفة مرتبة حول هذا المحور مثل القضبان الإشعاعية لإطار مستدير، بحيث يكَوِّن كل قضيب إشعاعي نقبة مختلفة. (القضيب الإشعاعي لإطار يشبه نصف القطر في الدائرة). ويمثل المحور تدريج القيمة، أو الإضاءة. وهو مقسم إلى عشرة أجزاء. وتمثل هذه الأجزاء مستويات للقيمة مبتدئة من الأسود بأسفل المحور وعابرة خلال ظلل الرمادي ومنتهية بالأبيض بأعلى المحور. ولكل عينات الألوان الواقعة عند نفس المستوى القيمة نفسها. والألوان التي تقع بالقرب من المحور لها كثافة لون منخفضة. وكلما كان موقع اللون أبعد من المحور كانت كثافته أكبر.
شجرة ميونسل للألوان تعرض عدة عينات لونية مرتبة حول محور مركزي. ويمكن أن تكون مثل هذه الشجرة ذات فائدة في مساعدة من يحاول موافقة لون مخصوص. ولمضاهاة لون معين باستخدام نظام ميونسل أو أي نظام آخر، يجب إيجاد ذلك اللون من بين عينات الألوان المتاحة. ولكن عدد العينات في هذا النظام لا يمكن أن يعادل أو يقترب من عدد الألوان التي يمكننا أن نميزها. ولهذا السبب يستحيل في بعض الأحيان إيجاد تناسق لوني دقيق.
نظام الوكالة الدولية لمواصفات الألوان. غالبًا ما يحتاج صانعو المنتجات، كالأطعمة والطلاء والورق والمواد البلاستيكية والمنسوجات، لتناسب الألوان بدقة تامة. ولأن إبصار الألوان يختلف بين الناس، فإن اللونين اللذين يكونان متوافقين لشخص ما، ربما لا يكونان متوافقين لشخص آخر. ولهذا السبب لا يعتمد أصحاب الصناعات على العين البشرية في موافقة الألوان بدقة تامة، بل يستخدمون نظام الوكالة الدولية لمواصفات الألوان. وهذه الوكالة منظمة دولية تطوّر وتخترع طرقًا معيارية لقياس الألوان.
ويمكن لصانع الطلاء الذي يريد إنتاج نفس اللون لطلاء أخضر في مصنعين مختلفين استخدام نظام الوكالة الدولية. ولكي يتم التأكد من أن اللونين متوافقان أولا، يحلل خبراء الألوان لون الطلاء الأخضر المنتج في أحد المصنعين لتحديد الأطوال الموجية للضوء المكون له. ويُجري الخبراء هذا التحليل بمقياس الضوء الطيفي (السبكتروفوتومتر). ويفصل هذا الجهاز الأطوال الموجية المختلفة للضوء المنعكس من الطلاء، ويقيس شدتها بعد ذلك. وتُستخدم جداول عددية لتحويل هذه المعلومات إلى ثلاث قيم عددية ـ قيمة لكل من الألوان الأولية للضوء، التي توافق اللون الأخضر الأصلي عندما تخلط. وتعرِّف هذه الجداول العددية ـ والتي تسمى الراصدات القياسية ـ خواص مضاهاة الألوان لعين إنسان ذي إبصار طبيعي لها.
ويُحَلَّل، أيضًا، الطلاء المنتج في المصنع الآخر بمقياس الضوء الطيفي. وبعد ذلك تضاف كميات صغيرة من الخضاب لضبط ومعايرة لون الطلاء. وتستمر إضافة الخضاب حتى يسفر التحليل عن نفس القيم العددية الثلاث للألوان الأولية التي حُصِّلت في المصنع الأول. وعندما يُحصل على هذه القيم الثلاث للألوان الأولية فإن الطلاءين الأخضرين يتوافقان، بالرغم من أنهما ربما يحتويان على تركيبات مختلفة من الخضابات.
النظريات المبكرة لإبصار الألوان. طور عدد كبير من المفكرين في قديم الزمان نظريات حول طبيعة الألوان. ومنذ ذاك الزمن، أيدت التجارب العلمية بعض أفكارهم ودحضت أفكارًا أخرى.
وقد اعتقد إمبيدوقليز، وهو فيلسوف إغريقي من فلاسفة القرن الخامس قبل الميلادي أن إبصار الألوان يحدث بوساطة جسيمات صغيرة جدًا، تبعث بها الأجسام وتمر خلال العينين. وظن أن العينين إما أن تُنتجا ردّ فعل لونيًا للجسيمات، أو تدركاها ملونة. ورأى الفيلسوف الإغريقي أفلاطون، في أوائل القرن الرابع قبل الميلاد، أن إبصار الألوان يحدث بوساطة أشعة ترسل من العينين نحو الجسم. ويحتمل أن يكون أرسطو ـ وهو فيلسوف إغريقي من فلاسفة أواخر القرن الرابع قبل الميلاد ـ أول إنسان يدرك وجود علاقة بين اللون والضوء. ومع ذلك، فلقد اعتقد هو أيضًا أن اللون يحدث بوساطة شيءٍ شفاف يوجد بين الجسم والعين.
واعتقد الطبيب الإغريقي جالينوس، المنسوب للقرن الثاني الميلادي، أن إبصار الألوان ينشأ لأن أشعة تصدر من العينين تعطي الهواء المحيط بها مقدرة لحمل صور متناهية الصغر للأجسام إلى العينين. وظن أن هذه الصور تحلَّل بعد ذلك بوساطة أشباح بصرية تتحرك بين العينين والدماغ.
ابن الهيثم. خلال أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، أدرك الفيزيائي العربي أبو علي الحسن بن الهيثم أن الإبصار يحدث نتيجة انعكاس الضوء من الأجسام إلى أعيننا. وقرر أن هذا الضوء المنعكس يكوِّن صورًا بصرية في العينين. كما أدرك أبو الحسن أن الألوان التي نراها في الأجسام تعتمد على الضوء الذي يسقط على هذه الأجسام، وعلى بعض خواص هذه الأجسام نفسها
نيوتن وجوته. خلال أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر الميلاديين، أجرى العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن عدة تجارب لبحث طبيعة الضوء. وضح نيوتن عمليًا، باستخدام منشور، أن الضوء الأبيض يحتوي على كل ألوان قوس قزح. كما كان نيوتن أول من أثبت أن الضوء الملون يمكن تركيبه ليكون ضوءًا أبيض. وأدرك نيوتن أن الأشعة الضوئية ذاتها ليست ملونة ولكن الإحساس باللون ينتج في الدماغ.
وخلال أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين، أجرى الشاعر الألماني، جوهان فلفجانج فون جوته تجارب بالضوء الملون والظلام. وكتب كتابًا في البصريات، بدا فيه وكأنه يناقض كثيرًا من النتائج التي تحصَّل عليها نيوتن. لم يصدق جوته أن الضوء الملون يمكن توليفه ليكون ضوءًا أبيض. فقد ظن أن كل الضوء الملون كان في الحقيقة خليطًا من الضوء والظلام. وكانت تجارب جوته مفيدة في توضيح كثير من جوانب الإبصار اللوني عمليًا. وعلى كُلِّ، فلم تعد نظريات جوته لإبصار الألوان والمبنية على هذه التجارب، مقبولة عند العلماء.
نظرية المكونات الثلاثة. افتُرضت في عام 1801م بوساطة الفيزيائي الإنجليزي توماس يونج وطورت خلال الخمسينيات من القرن التاسع عشر الميلادي بوساطة الفيزيائي الألماني هيرمان فون هيلمولتز. وتعرف نظرية المكونات الثلاثة، أيضًا بنظرية يونج ـ هيلمولتز أو النظرية اللونية الثلاثية.
تفترض هذه النظرية أن للعين ثلاثة أنواع من الألياف حساسة لأطوال موجية مختلفة من الضوء. وعندما يسقط الضوء على هذه الألياف، تولد إشارات كهربائية تنتقل مباشرة إلى الدماغ. وطبقًا لنظرية المكونات الثلاثة، تقابل الأحاسيس اللونية التي تنشأ في الدماغ هذه الإشارات الكهربائية بطريقة بسيطة ومباشرة. وقد أكدت التجارب العلمية وجود الأنواع الثلاثة من الألياف، والتي يُطلق عليها الآن لفظ مخاريط.وكل نوع من المخاريط حساس بصفة خاصة لإحدى ثلاث مجموعات من الأطوال الموجية للضوء، تمثل الألوان: الأحمر والأخضر والأزرق.
نظرية اللون المضاد. اقتُرحت في عام 1874م بوساطة عالم وظائف الأعضاء الألماني، إفالد هيرنج. افترض هيرنج أنه يوجد في مكان ما في أعصاب العينين والدماغ آليتان للاستجابة، تحتوي كل منهما على زوج من الألوان المتضادة. وهذا يعني أن آليتي الاستجابة يمكنهما إرسال إشارة بأحد اللونين فقط في وقت ما. وترسل إحدى آليتي الاستجابة إشارة إما باللون الأحمر أو الأخضر، وترسل الأخرى إشارة إما باللون الأصفر أو الأزرق. وتوجد آلية ثالثة ترسل إشارة بمستوى الإضاءة. ويفسر الدماغ هذه الإشارات وينتج إحساسنا باللون. تفسر نظرية اللون المضاد كثيرًا من جوانب إبصار الألوان أحسن مما تفعل نظرية المكونات الثلاثة. فعلى سبيل المثال، تقدم نظرية اللون المضاد تفسيرًا لحقيقة عدم استطاعتنا رؤية ألوان مثل الأخضر المائل إلي الأحمر أو الأزرق المائل إلى الأصفر. النظريات الحديثة. توحِّد النظريات الحديثة بين أفكار مأخوذة من نظرية المكونات الثلاثة ونظرية اللون المضاد لتصف المراحل المختلفة لإبصار الألوان. ففي المرحلة الأولى من إبصار الألوان تمتص ثلاثة أنواع من المخاريط الموجودة في الشبكية الضوء، وتولد إشارات كهربائية ـ كما افترضت نظرية المكونات الثلاثة. وخلال المرحلة الثانية من إبصار الألوان، تُحدث أعصاب في العين والدماغ ثلاث إشارات جديدة - تقابل الإشارات التي وصفت بوساطة نظرية اللون المضاد. ويُحتمل أن تمر إشارات الأعصاب بمراحل إضافية قبل أن يفسرها الدماغ في النهاية بالإحساس باللون.