: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" [ الأنبياء/35] . ولم أرَ مثلَ الموتِ حقاً كأنه إِذا ما تخطته الأماني باطل ستموتون " الموت " …… إنه قادم لا محالة . " الموت " …… إنه آتٍ ولا مرد له . " الموت " … … إنه يأتي بغتة . " الموت " ……لا يطرق بابك . " الموت " لا يستأذنك . " الموت " دين على كل أحد . " الموت " ساعتك وساعة كل أحد . وكلُّ أناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُم دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرّ مِنْهَا الأنامل فيا أخا الموت .. مالك أتعبت نفسك في كسب الحطام الفاني ولن يبقى لك . يا أخا الموت .. سيسلبك الموت أثوابك ويمنعك مما تشتهي ، فمالك أفنيت بدنك من أجل متاع قليل . يا أخا الموت .. قال الله : " قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا " [ الأحزاب/16] فهل لك من الموت من راق ، فمالك أتراك تفر منه أم أنه سيولى عنك ، أما رأيته لا يعرف صغيرا من كبير ، ولا غنيًا من فقير ، ولا قويًا من ضعيف ، ولا عزيزًا من ذليل . كم من عزيزٍ أذل الموتُ مصرعه كانت على رأسهِ الراياتُ تخفق يا أخا الموت .. قال الله : " وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون " [ المنافقون/10-11] . فلماذا أخلدت إلى الأرض ، هل علمت من نفسك أنك ستبقى فيها ، ألست ترى المشيع ينعي كل يوم من قريب أو صاحب ، فلماذا لم تعد لذلك اليوم عدته ؟ عَجَباً لامرئٍ يرى الأرضَ مثوا هُ وأقصى منـاه كسبُ الثراءِ وكفى المرءَ منـذراً بدنوِّ المو ت فـقـدُ الأتـرابِ والقُرناءِ
يا أخا الموت .. الموت قدر الله ، وقدر الله حتم لازم ، فهل تستطيع أن ترده ؟ إنا نعلَّلُ بالدواءِ إِذا مَرِضْنا ، ولكن هل يشفي من الموتِ الدواءُ ؟ إنا نختارُ الطبيبَ إذا سقمنا ولكن هل طبيبٌ يؤخرُ ما يقرهُ القضاءُ ، يا أخا الموت أنفاسُنا حسابٌ ، و حركتُنا إِلى فناءِ . إِذا كـان أمرُ اللّـهِ أمـراً يقـدَّرُ فكيف يفرُّ المرءُ منه ويحذرُ؟ ومن ذا يردُّ الموتَ أو يدفع القضا وضربتُهُ محتومةٌ ليس تعثرُ يا أخا الموت قال الله تعالى : " حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون " [المؤمنون/99-100] . قف معي نتأمل هذا المشهد العظيم ، هذه اللحظة الرهيبة ، قف واسأل نفسك إلى أين … ؟ وحتى متى …؟ قل لها : أما رأيتِ من بغتهم الموت كانوا مثلك لا يعتقدون أن قد آن أوانه ، فما لبثوا أن جاءهم فبدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون ، فتوبي قبل أن تقولي هل إلى مرد من سبيل فيقال : كلا ، قل لها : يا نفسُ توبي فإِن الموتَ قد حانا واعصِ الهوى فالهوى مازال فَتَّانـا في كل يـوم لنا مَيْـتٌ نشيـعهُ ننسـى بمصرعهِ آثـارَ مَوْتـانـا يا نفسُ مالي وللأموالِ أكنزُهـا؟ خَلْفي وأخرجُ من دنـيايَ عريانـا ما بالُنا نتعامى عن مَصارِعنا؟ ننسى بغفلِتنا من ليس يَنْسـانـا قل لها : الموتُ ضيـفٌ فاستعـدَ لهُ قـبلَ النـزولِ بأفضلِ العددِ واعملْ لـدارٍ أنتَ جاعلَها دارِ المقامـةِ آخـرَ الأمـدِ يا نفسُ موردُكِ الصراطُ غداً فتأهبي من قبـل أن تـردي
أخا الموت هذه الدنيا كل ذي نعمة مخلوسها ، وكل ذي أمل مكذوب ، وكل ذي مال موروثها وكل سلب مسلوب ، وكل ذي غيبة يؤوب لكن غائب الموت لا يؤوب فما بالنا سكارى كأن الموتَ يأخذُ غيرنا فداءً لنا كيلا يَمُرَّ بنا حَتْف . أخا الموت تعال بنا نقلب صفحة من صفحات هذا الغيب المهيب ، تعال لنداوي قسوة قلوبنا ، بنا نؤمن ساعة قبل قيام الساعة ، بنا نجتاز العسرة قبل يوم الحسرة ، بنا نذكر الموت قبل الفوت . وقد حثنا رسول الله لذلك فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ ـ يَعْنِي الْمَوْت ـ "