موضوع: العلاج بالعقاقير و المضادات الحيوية الأحد مايو 24, 2009 12:05 pm
الصحة و المرض
العلاج بالعقاقير و المضادات الحيوية
استعمل الإنسان منذ آلاف السنين العقاقير لمعالجة بعض الأمراض ، و كانت هذه العقاقير في ذلك الوقت عبارة عن مزيج من الأعشاب البرية ، و كان من الصعب آنذاك إيجاد عقار يقتل جراثيم المرض داخل الجسم دون الإضرار بخلايا الجسم ،
و ما أن جاء القرن التاسع عشر حتى تم اكتشاف عقار يقضي على جراثيم المرض دون أن يتلف خلايا الجسم ، و هذا العقار عبارة عن مسحوق أبيض يسمى ( سلفانيلاميد ) ( Sulfanilamide ) ، و يتوفر الآن عدد من العقاقير الشبيهة بالسلفانيلاميد و تسمى عقاقير السلفا. و يمكن أن تستعمل هذه العقاقير بحقنها في الدم أو ابتلاعها على شكل حبوب ، و قد انخفضت حالات مرض الالتهاب الرئوي نتيجة استعمال هذه العقاقير . كما تستعمل هذه العقاقير في علاج أمراض أخرى مثل السيلان و التهاب الأذن و البلعوم ( الزور ) و الجلد .
أما المضادات الحيوية ( Antibiotics ) فقد أصبحت جزءاً هاماً في حياتنا ، و المضادات الحيوية عبارة عن مواد كيميائية تنتج عن كائن حي ، و تستطيع أن تعيق نمو الكائنات الدقيقة ، و تستطيع بعض أنواع العفن ( الفطريات ) ، و البكتيريا ، و حتى بعض النباتات الخضراء المعقدة إنتاج المضادات الحيوية .
في سنة 1920مـ ، اكتشف المضادات الحيوية عالم إنجليزي اسمه ( فليمنج ) ( Fleming ) حيث شاهد هذا العالم عفناً أخضراً نامياً على سطح أحد أطباق ( بتري ) التي يجري عليها تجاربه ، و قد سقط هذا العفن من الهواء على شكل أبواغ نمت على المواد الغذائية في الطبق و كونت مستعمرة ( البنسيليوم ) ، و عندما دقق فليمنج النظر في الطبق ، وجد أن المنطقة التي نما فيها العفن لا تحتوي على بكتيريا ، و بعد تجارب عديدة وجد فليمنج أن العفن الذي هو عبارة عن فطر البنسيليوم ينتج مادة تستطيع القضاء على العديد من أنواع البكتيريا ، و سمى فليمنج هذه المادة ( بنسلين ) (Penicillin )
و في البداية أنتج العلماء البنسلين بكميات محدودة ، وما أن جاءت سنة 1938 حتى استطاع العلماء إنتاجه بكميات كبيرة ، و قد كان إنتاجه مفيداً جداً ، و ذلك لأن الحرب العالمية الثانية كانت في بدايتها ، و قد أنقذ البنسلين بقدرة الله حياة الجرحى من موت محتم نتيجة لالتهابات الجروح ، و يستعمل البنسلين على شكل حقن ، أو حبوب ، أو مسحوق ، أو مراهم ...
و يستطيع البنسلين القضاء على العديد من الأمراض البكتيرية مثل : الالتهاب الرئوي ، الدفتيريا ، الزهري ( السفلس ) ، السيلان ، و التهابات الجروح . غير أن البنسلين لا يستطيع القضاء على عدد آخر من الأمراض البكتيرية مثل : مرض السل ، كما أنه لا يفيد في علاج أي من الأمراض الفيروسية ، لهذا السبب بحث العلماء عن مضادات حيوية أخرى من أنواع أخرى من العفن ، أو البكتيريا أو الطحالب أو الأشنات أو النباتات الخضراء المعقدة ، و من المضادات الحيوية المستعملة في الوقت الحاضر بالإضافة إلى البنسلين – ستربتوميسين ( Streptomycin ) ، و اوروميسين ( Aureomycin ) ، و تيراميسين ( Terramycin ) ، و أكرومايسين ( Achromycin ) ، و ... الخ.
تستعمل عقاقير السلفا و المضادات الحيوية في الوقت الحاضر على نطاق واسع ، و بهذا العدد يجب أن نتذكر أن المادة التي تقضي على البكتيريا يمكن أن تسبب لخلايا جسمنا الضرر ، و في بعض الحالات فإن تعاطي المضادات الحيوية عن طريق الفم ، يمكن أن يقضي على البكتيريا المفيدة الموجودة في الأمعاء مثل : البكتيريا التي تنتج العديد من فيتامينات ب ( B ) و كذلك البنسلين قد يسبب الموت المفاجئ عند الأشخاص ذوي الحساسية ، و لهذا السبب يجب تعاطي عقاقير السلفا و المضادات الحيوية بحذر شديد كما يجب أن تؤخذ تحت إشراف طبيب ماهر ، و من ناحية أخرى فإن الاستعمال الواسع للمضادات الحيوية ، يمكن أن يؤدي إلى ظهور سلالات من البكتيريا تقاوم بشكل كبير المضادات الحيوية ، و في هذه الحالة يصبح المضاد الحيوي عديم الفائدة بالنسبة للبكتيريا المقاومة ، و لا يستطيع القضاء عليها .
فمثلاً نمت في المستشفيات بكتيريا من نوع المكور العنقودي ( البكتيريا الكروية العنقودية ) ( Staphylococci ) ، و هذه البكتريا تقاوم البنسلين ، و قد أصبحت مشكلة كبيرة في العديد من المستشفيات ، حيث تفرز هذه البكتيريا أنزيماً يسمى ( البنسيليز ) ( Penicillinase ) يحطم البنسلين و يبطل مفعوله ، و بذلك يصبح البنسلين عديم الفائدة في هذه الحالة ...