قبل نحو عشر سنوات من الآن، وعندما كنت طالبة في الصف الرابع الإبتدائي سألتنا المعلمة عن أحلامنا؟ فوجدت بإن جميع الطالبات تقريباً يحلمن بإن يصبحن طبيبات أو مهندسات، وحين جاء دوري أخبرت المعلمة بإن واحدة من كل تلك الطالبات فقط ستكون طبيبة أما البقية فسوف تتبخر أحلامهن مع المراحل الدراسية القادمة، وأما أنا فأحلم بإن أكون كاتبة مشهورة.
توقفت معلمتي بالقرب مني وسألتني سبب اختلاف حلمي عن بقية الطالبات؟ فأجبتها بإنهن تقليديات وأن بلادي لا تحتاج لهذا الكم من الطبيبات أو المهندسات، لذا يجب أن ننوع في أحلامنا ولي شخصياً حلم مختلف عنهن. وهنا زرعت لأول مرة بذرة اعجاب تلك المدرسة بي..
فساهمت معي في تحقيق حلمي، بإن دعتني لأكون فتاة الطابور المدرسي.. كنت أكتب يومياً بعض العبارات المشجعة للطالبات وأحياناً كثيرة أستعين بمجلة ماجد للحصول على المفردات الصحيحة وألقيها صباح كل يوم على حشد الطالبات.. فأصبحت من فتيات المدرسة المشهورات.
انتقلت بعد عامين إلى المرحلة الإعدادية في مدرسة أخرى، وظل حلمي يراودني في أن أصبح كاتبة مشهورة، ولم أخجل أبداً في مشاطرته مع معلمة اللغة العربية بالمدرسة التي وجهتني كثيراً، فقد كنت أطلعها على كل كتاباتي من خواطر وشعر وقصة قصيرة، وهي بدورها كانت تعالج الأخطاء فيها وتوجهني وتناقشني في مفرداتي، وقد أهدتني عدد من القصص والكتب التي ساهمت في إثراء لغتي العربية. فبدأت أطلع على المقالات المنشورة بالصحف اليومية وأكتب ردي على كتابها أحيان كثيرة أختلف معهم في وجهات نظرهم وأحيان أخرى أجدني منجذبة لما يقولون من حقائق. لم تكن فرحتي لتوصف وأنا أقرأ إسمي يزين صفحات الجرائد المحلية.
كبرت، فوصلت للمرحلة الثانوية أي ما قبل الجامعة.. كان بإمكاني دخول القسم الأدبي ولكني اخترت التجاري، فقط لأثبت لنفسي بإنني قادرة على النجاح في عدة جوانب وليس الكتابة فقط. وبالفعل فقد تخرجت بتفوق ولله الحمد، وسجلت للجامعة .. في تلك الأثناء بدأت في التواصل بشكل أقوى من ذي قبل مع المجلات والجرائد المحلية والخليجية والعربية. وقد حضيت على اهتمام رائع من القيادات البحرينية والكثير من المتابعين، وكدت أصبح مشهورة..
تلقيت في تلك الفترة عدد من العروض الجذابة، تصب كلها في جعلي فتاة مشهورة ولكنها طلبت مني بعض التنازلات في المقابل فأبيت أن أصبح مشهورة بتلك الطريقة، فقد كنت كذلك في الإبتدائية بجهدي والإعدادية والثانوية أيضاًً بجهدي، إذن سوف لن أحيد عن طريقتي في إيصال نفسي بقدرتي وإن كانت متواضعة. ولن أقبل بأي تنازل كان.. وقد لمحت خلال الفترة الأخيرة من حياتي بريق الشهرة ولو كان في أوساط بسيطة، إلا أنني لمحته. ولم يعجبني كثيراً فقد بدأ آخرون يتدخلون في خصوصياتي ولا يمنحوني الحرية التي كنت أتمتع بها. فقل حبي لأنأكون مشهورة، وأصبح حلمي بإن أكون كاتبة ناجحة فقط.