كنت أنظر لعقارب الساعة الموجودة في صالة منزلنا، تحرص والدتي على الاهتمام بتلك الساعة الحائطية رغم قدمها، فقد كانت أول هدية عيد أم مني إليها، ادخرت شيئاً من مصروفي أثناء دراستي في الروضة، وقامت الماما "المعلمة" هناك بشراء هذه الهدية، والتي أعطيتها لـ "مامتي" والدتي، وأنا في سن الثالثة. ليست ذكرى الساعة هي التي شدتني للنظر إلى عقاربها في هذا المساء، في الواقع إنها المرة الأولى منذ أكثر من 11 عاماً أستطيع خلالها رؤية عقارب الساعة وأنا أجلس على الصوفا بالقرب من شاشة التلفزيون. طوال 11 عاماً مضت من حياتي كنت أرتدي النظارة الطبية، وذلك لضعف نظري، وكنت ورغم حاجتي إلى النظارة الطبية أمقتها وأكره ارتدائها إلا للضرورة، وكانت ضرورتي خلال الأعوام الماضية تتمثل في الجلوس على مقعد الدراسة، أو قيادة السيارة. وعدا ذلك فأنا لا أرتدي النظارة، رغم حاجتي إليها في بعض المواقف. بالأمس اتخذت خطوة مرعبة وجريئة في حياتي، ارتديت معطفاً أصفر اللون، واستلقيت على ظهري، وأدخلت رأسي حيث أراد الطبيب في فتحة صغيرة، وسلمت عيناي إلى الجراح! لا أنكر الخوف الشديد الذي تلبسني حينها، العملية الجراحية بحد ذاتها غير مرعبة، لكن العملية في العين هي الرعب كله، كيف لا والنظر هو أعز ما يملكه الإنسان؟ لذا يجب أن أشكر الدكتور مؤمن الريفي مراراً وتكراراً، لأنه خفف علي حمل التجربة وعنائها، وذلك بكلماته البسيطة والمشجعة في مستشفى البحرين التخصصي. أجريت عملية الليزك البارحة، وسحقاً لكل من وصفها بالسهلة، هي سهلة فعلاً أثناء إجراءها لكنني تألمت بشدة بعد انتهائها، فالصداع كاد يقتلني، والألم الجفون لا يزال يغازلني. أكتب هذا الموضوع والساعة تدق معلنة السابعة و5 دقائق مساءاً، لأكمل بذلك أول 24 ساعة من بعد العملية. سعيدة جداً، لأنني أستطيع رؤية عقارب الساعة في صالة منزلنا، وسعيدة أيضاً لأنني سأرتدي النظارات الشمسية التي تستهويني أخيراً، فقد بقيت طوال سنين مضت أتجول في محلات النظارات، وكلما وجدت نظارة استهوتني، يصدمني البائع بقوله إنه لا يمكن تركيب عدسات طبية عليها، أو إنهم يقومون بتركيب عدسات طبية على النظارة، لكنها لا تظهر بنفس الجمال الذي وجدته عليها بعدساتها الأصلية. أخبرت صديقي طلال إنني سأرتدي النظارات التي تعجبني أخيراً، ودعوته كذلك للتخلي عن النظارة، وسأدعو فواز وكل الأصدقاء القادرين على فعل ذلك، هي تجربة تستحق الخوض فيها، والنظر للحياة بعين قوية أجمل بكثير من النظرة القاصرة والضعيفة جراء قصر النظر