موضوع: حوادث المرور! حديث الناس الخميس مايو 28, 2009 12:34 pm
حوادث المرور التي تشهدها غالبية مدن وقرى وبلدات القطر على الطرقات الدولية السريعة والداخلية, أصبحت أشبه بظاهرة تزداد مساحتها اتساعاً عاماً تلو الآخر,
حتى إن سماع أخبار هذه الحوادث ومتابعتها على الصفحات الأولى في الصحف المحلية بات أمراً مألوفاً وعاديا, ولا يستدعي الاستغراب أو الدهشة, وكأن هناك ما هو أقرب إلى التعايش معها, أو ما يشبه الاستسلام من إمكان السعي من أجل خفض أعداد الضحايا, وحين نقول إن هذه الحوادث باتت شبه يومية وتزداد تواتراً, فليس ذلك إلا لأن أرقام المجموعة الإحصائية للعام ,2003 أوضحت في صفحة حوادث المرور, أن عدد ضحايا عام 2002 وصل إلى (1653) قتيلاً, إلى جانب آلاف المصابين والجرحى الذين يضطرون للتعايش مع عاهات وتشوهات تدرج زوراً وبهتاناً ضمن يافطة قديمة عنوانها (القضاء والقدر),.. وإذا أجرينا عملية حسابية لأعداد القتلى للعام 2002 أو لأعوام سابقة, فليس من الصعب الوصول إلى حقيقة مأساوية جوهرية تقول: إن كل ست ساعات هناك حالة وفاة ناجمة عن حوادث الطرق, وهذا الرقم يستلزم عدم التقليل من مخاطره, لأنه يتجاوز معايير حوادث الطرق الدولية وحتى الأرقام التي تأخذ بها المنظمات الدولية.
قد يقول البعض: إن ازدياد أعداد الضحايا وحوادث الطرق يعود في جوهره وأسبابه إلى غياب الوعي المروري من جانب السائقين, والاستسهال في منح رخص القيادة, هذه الرؤية المبتورة قد تكون صحيحة وتصيب عين الحقيقة في بعض الحالات, لكنها أيضا قد تكون خاطئة في حالات كثيرة والمقصود من هذا الكلام أن المعلومات التي تنشرها المنابر الإعلامية في متابعاتها الدؤوبة لحوادث المرور, تشير في غالبيتها إلى أن غياب سلامة الطرق وعدم توفرالشروط الفنية السليمة, كانت وما زالت تشكل سبباً أساسياً في ازدياد مساحة هذه الحوادث, وعلى وجه التحديد على الطرق الدولية السريعة, ومن يعود إلى حادثي المرور اللذين وقعا على طريق السويداء وتدمر خلال الشهر الجاري, يدرك مثل هذه الحقيقة, ولهذا السبب إذا كانت هناك نيات حسنة من جانب الجهات الوصائية, من أجل خفض أعداد هذه الكوارث البشرية فذلك يستوجب أولاً الاعتراف بضرورة إعادة النظر في آليات وشروط تعبيد الطرق العامة ومعالجة سوء تنفيذها, والسعي إلى تخليصها من الحفر والمطبات, مع إعادة دراسة تنفيذ العقد الطرقية والمنعطفات, خاصة على الطرق الدولية, حيث تشير الدراسات والمعلومات أن وسائط النقل العامة هي الأكثر عرضة للحوادث.. ولعل الأمر الأهم في هذا السياق أنه يتعين بذل الجهود من أجل إعداد الخطط والدراسات التي من شأنها توسيع مساحات الطرق الدولية والداخلية بشكل دائم,ذلك أن هناك هوة كبيرة اليوم ما بين أعداد السيارات التي تدخل في الخدمة سنوياً, وبين مشروعات الطرق التي لم تعد تواكب هذه الأعداد ولا تفي بالحاجة, بل إن بعض الطرق المحدثة منذ عشرات السنين, ما زالت تواجه رداءة لجهة غياب الصيانة الدورية, وتفتقد إلى الشاخصات الإرشادية واللوحات الطرقية والإشارات الضوئية, وسواها من مستلزمات السلامة المرورية.
ويبقى الوعي المروري من العناوين التي لاتقل شأنا وأهمية عن سلامة الطرق,.. ما يعني أن قيادة أي سيارة, تستلزم السعي إلى تأهيل السائقين تأهيلا صحيحاً, وعدم منح إجازات القيادة بطرق وأساليب ملتوية قائمة على شراء ذمم البعض,.. وحقيقة أن الأرقام المخيفة والمرعبة لأعداد ضحايا حوادث السير, باتت مؤرقة وتستدعي ليس فقط اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة بحق المخالفين من السائقين, وإنما أيضا العمل على خلق ثقافة مرورية مجتمعة تشارك في صوغها وزارة الداخلية بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية, بهدف إدخال بعض الحصص الدرسية غير الصفية على المناهج التعليمية التي تسبق الدراسة الجامعية.. مشكلة حوادث المرور باتت أشبه بكرة ثلج دائمة التدحرج ولا بد من وقفها!.