انظر إلى أطراف أصابع يديك .
حدق أكثر ..
هل تلاحظ الخطوط الدقيقة الملتوية فيها ؟ إنها تسمى الخطوط الحلمية .
لو غمست أناملك بالحبر ثم لامست بها ورقة بيضاء لرأيت أن هذا الحبر قد ترك أثراً للخطوط الحلمية الدقيقة الملتوية .. هذا الخطوط تسمى البصمات !
ما هي هذه البصمات ؟
ومتى تتكون ؟ ومتى تم اكتشاف أهميتها ؟
وهل هناك تطابق في البصمات بين بعض الناس كالتوائم مثلاً؟
وهل هناك تطابق لبصمات اليد الواحدة ؟
وهل يمكن إزالة البصمة بالكلية؟
البصمات عبارة عن خطوط دقيقة ذات تجاويف توجد في أطراف الأصابع وباطن القدمين، وهي ذات طبيعة ذات مسامات تحتوي في باطنها على غدد تتكون بنسبة 5 ،98% من الماء و5 ،1% من الأملاح ودهنيات تبدأ بالإفراز عند الضغط بها على الأشياء وتتشكل بتشكيل الخطوط الحلمية «خطوط البصمة» وهذا يعني أن الإنسان لا بد أن يترك بصمته المميزة في أي مكان يرتاده سواء رغب بذلك أم لا .
جرب ذلك عنما تضغط بإصبعك على كأس من الزجاج سوف تلاحظ أثر بصمتك عليها .
إن هذه الخطوط الصغيرة الدقيقة وهذه الغدد تبدأ بالتكون في جسم الإنسان خلال الشهر الثالث والرابع من الحمل وتكون كاملة عند ولادته، وهي خطوط خاصة بك وحدك لايمكن لأحد كان على وجه الكرة الأرضية أوفي باطنها أن يتشابه معك فيها ... مارأيك ؟ هل تشعر بالثقة الآن ؟
ولكن هل يمكن إزالة هذه البصمات ؟
فمثلا لو احترق اصبع شخص ما هل تزول البصمة وتتشوه ؟حسناً .. اسمع هذه القصة التي حدثت في عام 1933 م
جان ديلينجار هو أحد المجرمين المحترفين في عالم الإجرام أقدم على عدة محاولات سرقة وسطو، وحتى لا يمكن التعرف عليه من أثر بصمات يديه التي باتت الدليل الوحيد القاطع ضده قام بحرق سلاميات كفه بمادة الأسيد المركز، وبالفعل تم تشويه خطوط يده وإخفاء البصمات ولكن ما فعله لم يجدي نفعاً ...
لقد كانت عملية تشويه البصمات عملية فاشلة فقد نبتت له خطوط يد جديدة كشفت عن هويته الحقيقية، ولكن كما يقول المثل: الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب. فقد اكتشف الأمر بعد مماته عندما تمت مقارنة بصماته بالبصمات التي أخذت له عندما ألقي القبض عليه قبل موته .
ومن البحوث والدراسات في علم البصمات ما قام به عالم انجليزي يدعى الدكتورDr.Nehemiah Grew وهو أول من كتب عن البصمات في أوروبا حيث قدم بحثاً للجمعية الملكية البريطانية عام 1684م ذكر فيه ملاحظاته للأشكال المختلفة في كل من الأصابع والكف وعن وجود الغدد العرقية فيها ويعتبر بحثه هو الأول رسمياً في هذا المجال وخاصة من الناحية التشريحية.
ثم توالت البحوث والدراسات وكان أهمها الدراسات التي قام بها العالم J.C.Mayer عام 1788م واثبتت تلك الدراسات استحالة تطابق بصمتي شخصين.
وفي عام 1823م وضع الأستاذ Johannes Purking الأستاذ بجامعة براسلو الألمانية أسس قاعدة العمل بالقيام بتشخيص بصمات الأصابع وسمى البصمات بأسماء مختلفة ووضع الخطوات الأساسية والمهمة في تطوير علم البصمات الحديث.
في عام 1891م وضع ادوارد ريتشارد هنري Edward R.Henry نظام التصنيف الحديث أو ما يسمى بنظام هنري العشري والمعمول به عالمياً. بعد ذلك بدأت الدول بالإستفادة من نظام البصمات واعتباره أحد أهم عناصر الكشف عن المجرمين ودليلاً قاطعاً لا يقبل الشك في إدانة المتهم.
وقد أدخل نظام البصمات في الولايات المتحدة ومصر لأول مرة عام 1902م، وفي فرنسا عام 1914م ثم تتابعت الدول في الاستفادة من نظام البصمات.
والآن هل يمكن أن تتطابق بصمات بعض الناس؟
وهل تتطابق بصمات اليد الواحدة ؟
وهل تتطابق بصمات التوائم؟
أثبت العلم الحديث ومن خلال التجارب وإجراء المقارنة لملايين البصمات أن البصمات لا يمكن أن تتطابق فيما بينها حتى في أصابع اليد الواحدة وكذلك أصابع التوائم بما تحتويه من علامات ونقاط يدركها خبراء علم البصمات.
لذلك تعتبر البصمات الوسيلة الأنجع لإثبات الشخصية حيث يستحيل فيها التزييف أو الاستغلال
إن هذه البصمات لايمكن أن تتغير مدى الحياة ولا يمكن أن تتاثر بعامل وراثة أوجنس أو عرق .
وتعتبر البصمة من أدق وأعقد الأجزاء في جسد الإنسان ولذلك قال الله تعالى: في سورة القيامة آية [1-4]: (( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ))
سبحان الله .. أثناء كتابتي لهذا المقال كنت أتحدث مع نفسي قائلة: لقد أعطى الله تعالى لكل إنسان بصمة مختلفة عن غيره، ترى لماذا ؟ فكرت كثيراً في المعنى الذي يهمني، والذي يمكن أن أتلمسه بنفسي !
فشعرت أن الله تعالى يقول لي: خذي هذه أنامل وبنان لك تميزك عن غيرك، لتطبعي بها بصماتك المميزة على أوراقك ومواقفك في هذه الدنيا!