في السيرك حيث كانت الأنوار مطفئة والظلام دامس إلا مساحة مستديرة على منصة السيرك، كانت العيون محملقة، والأنظار مشدودة نحو رجل مهيب.
وكان الدكتور سليم ينزل من على المنصة ينظر بين الوجوه المرصوفة ويحاول انتقاء وجه ما، ترى أيّ وجه سيقع عليه الاختيار؟؟
اقترب الدكتور سليم نحوي وأخذ يجول بنظره نحو الصف الذي أجلس فيه، اقترب مني أكثر وأخذ يتفحصني، ثم توجه بنظره نحو أخي وقال له بصيغة الأمر: قم أنت تعال معي.
استدارت عيني أخي وفتح فاه وقال له متسائلاً: أأأنا؟؟
اتجه به نحو المنصة وبدأ بالاستعراض..
قال ماذا؟ يريد أن يجري عليه عملية التنويم المغناطيسي !! حسناً سنرى
وضع الطبيب شمعة مشتعلة أمام أخي وطلب منه أن يركز النظر إليها.
ثم قال له.. لاترمش عينيك كثيراً، تنفس بعمق بعمق.. استرخي ..وارخي فكيك وشفتيك.
وبعد 3 دقائق تقريباً.. مدّ الطبيب يده اليسرى وأخذ يمرر أصابعه المفتوحه خلف رأس أخي هابطاً بها نحو عموده الفقري ثم.....
طلب منه أن يغمض عينيه، وهو يررد على مسمعيه بعض الكلمات كنائم.. نائم .. حالم.. حالم.. حالم.. مسترخي.. مسترخي.. وبعض الجمل الإيحائية الأخرى.
وماهي إلا لحظات حتى بدأ أخي يميل وكأنه سيقع على الأرض، أسنده الطبيب، ثم تقدم الطبيب نحو الجمهور وطلب من أحدهم أن يعطيه علبة البيبسي التي بحوزته،
ال
دفع الطبيب علبة البيبسي نحو أخي الذي مازال مغمض العينين كالمذهول وقال له: تذوق هذه المياه الغازية إنها بطعم الفلفل.
وما إن شرب أخي المياه الغازية حتى أخذ يسعل ويبصق وقد احمر وجهه.
ترى ماهو سر التنويم المغناطيسي وكيف صدق أخي وهم الفلفل؟
يعتقد البعض أن التنويم المغناطيسي عملية تتعلق بالنوم والشعوذة وعالم الغيب وبأن من يقوم بها من الممكن أن يسيطر على المنوم تماماً فيجعله يسرق أو يقتل مثلاً.
ولكن التنويم المغناطيسي حقيقة هوعملية يقوم بها محترف سواء كان معالجاً أو طبيباً أو مجرد شخص تعلم الحرفة واتقنها، وأول من استخدم التنويم الإيحائي هم المصريون القدماء ثم اليونانيون والبابليون
ويشهد التاريخ للهنود بالبراعة الفائقه في استخدام التنويم المغناطيسي منذ آلاف السنين ومازالت كتبهم القديمة أكبر الأدلة على ذلك.
إن عملية التنويم ليست عملية تخدير أو تغييب عن الوعي كما أن المسألة ليست لها علاقة بالنوم حيث يكون الشخص في كامل شعوره غير أنه يكون مسترخياً جداً ذهنياً وجسدياً وفي وضع يستجيب فيه للإيحاءات ويتبناها
وهذا مايفسر كيف أن أخي المسكين صدق أن المياه الغازية التي شربها كانت بالفلفل.
وبعد ربع ساعة تقريباً عاد أخي إلى وعيه، والغريب في الأمر أن الطبيب كان يطلب منه أن يشرب من علبة البيبسي مجدداً ولكن أخي كان يرفض ويقول: إن فيها فلفل.
اثناء الاستعراض كان الطبيب يطلب من أخي أن يتقدم وأن يتأخر، وأن يقلد بعض الأصوات، ثم طلب من أحد الجمهور أن يلقي أمراً على أخي ويطلب منه فعل شيء ما، ولكن أخي لم يكن يستجيب لأحد سوى لأمر الطبيب.
يجب أن يقتنع الشخص بفائدة التنويم المغناطيسي، ولا يستطيع الطبيب السيطرة على الشخص الذي يريد تنويمه إلا برغبة منه، وكذلك لا يقوم المنَـوَّم بأي عمل لا يرغب القيام به.
ولكن هل للتنويم المغناطيسي فائدة حقيقية؟
يعد العلاج بالتنويم الإيحائي واحد من أكثر الوسائل العلاجية سلامة وفعالية لعلاج معظم حالات الأمراض النفسية، والتخفيف من أعراضها، وذلك من خلال تنويم العقل الحاضر والتخاطب مع العقل الباطني الذي يمكن من خلاله تغيير أو مسح أو تقوية ما هو مترسخ فيه من معلومات واعتقادات.