أولا : الجانب التاريخي:
أ- مصدر أسم مكة المكرمة :
مكة المكرمة مدينة قديمة و لها جذور عميقة في التاريخ و لقد تعدد أسمها حسب الفترات الزمنية ،و لعل أسمها مشتق من كلمة ( بك ) السامية التي تعني الوادي(فروج:109) فقد ورد اسم مكة بلفظ بكة في قوله تعالي في سورة آل عمران ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا و هدي للعالمين) ". ولعل أول إشارة وردت في الكتابات القديمة عن مكة المكرمة ما ذكره بطليموس الذي عاش في القرن الثاني الميلادي فقد ذكر اسم مدينة (مكربة)و قد ذهب الباحثون أن هذه المدينة ما هي الإ مكة المكرمة(عوض الله ،1398:35). و قد أورد ياقوت الحموي في معجمه روايات عديدة عن (الحموي، دت:182)تسمية مكة المكرمة منها أنها سميت مكة من :
* مك القدي أي مصه لقلة مائها.
* إنها تمك الذنوب أي تذهب بها كما يمك الفصيل ضريع أمه فلا يبقي شيئا.
* لأنها تمك من ظلم أي تقصمه و ينشد قول بعضهم:
يا مكة الفجر مكي مكا و لا تمكي مدجحا و عكا.
ب-السكن في مكة المكرمة:
تاريخ مكة المكرمة عبر العصور حتى فجر الإسلام:
* عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام:
من المرجح أن بدء السكنى بمكة المكرمة يرجع إلى أيام سيدنا إبراهيم و ابنه إسماعيل عليهما السلام و هذا يعني القرن التاسع عشر قبل الميلاد.قال تعالي (في سورة إبراهيم، آية 37)"ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) و قد استجاب الله عزوجل دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام ،فعندما نفد ما كان لدي إسماعيل عليه السلام و والدته هاجر من زاد و ماء تفجر ماء زمزم من تحت قدمي إسماعيل عليه السلام و وفدت القبائل إلى مكان الماء.(الشريفي،،1969م:10)
* مكة في عهد خزاعة:
في أواخر القرن الثالث الميلادي تقريباً استطاعت خزاعة بزعامة ربيعة بن الحارث أن تتولى أمر مكة المكرمة ، وخلفه عمرو بن لحي الخزاعي و الذي يعتبر من أوائل من بدل دين إبراهيم عليه السلام بالوثنية.(السباعي،دت:23)
* مكة المكرمة في عهد قريش:
انتقل أمر مكة المكرمة من يد خزاعة إلى قريش بعد تحكيم يعمر بن عوف بن كعب ابن الليث و ذلك بسبب كثرة الصراع الذي حدث بين خزاعة، حيث حكم يعمر بن عوف بحجابة البيت و أمر مكة المكرمة لقصى دون خزاعة و أن لا تخرج خزاعة من مسكنها من مكة المكرمة (الفاسي،،دت:143).و لعل من أهم الأحداث التي حدث في هذا العصر هو قدوم أبرهة الأشرم لهدم البيت الحرام سنة 571م و الذي سمي بعام الفيل و هي السنة التي ولد فيها سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .( زيادة:دت:123)
* مكة المكرمة في عهد النبوة:
لاشك أن ظهور الرسول صلى اله عليه و سلم كان أكبر الأثر في تغير الحياة في مكة المكرمة و في العالم حيث أمر بطلب العلم و حث عليه و يكفي أن أول آية نزلت في القران تحث عل العلم و هي سورة إقراء،كما غير الرسول صلى الله عليه و سلم كثير من الأمور الاجتماعية فمثلاً ألغي وأد البنات و حدد تعدد الزوجات و نظم شئون الزواج و الطلاق و قضى على القبلية (السباعي،دت:62).و قد أصبحت مكة المكرمة مهد العلم حيث كان بعض أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم كابن مسعود ، و بن عباس ،و أبي ذر الغفاري ، وابن عمر و أبي الدرداء رضي الله عنهم أجمعين يترددون إليها بعد الفتح و كانت مكة المكرمة تستفيد من علومهم .(المرجع السابق)
* مكة المكرمة في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم:
أصبح المسجد الحرام مزدحما بحلقات رجال الحديث و القراء و أصحاب الفتوى، و في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أول توسعة للمسجد الحرام حيث شملت إضافة أسوار و أبواب للحرم و كان ذلك عام17 هـ ، ثم قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بتجديد المسجد الحرام و توسعته و أحد فيها رواقا مسقفا و كسا الكعبة بالقباطي.(السباعي،دت:84)
* مكة المكرمة في العهد الأموي:
بدأت الخلافة الأموية في عهد معاوية بن أبي سفيان الذي تولي الحكم سنة 41هـ، و قام الأمويون بإصلاحات منها شق الطرق الاهتمام بالأمور الدينية و العلمية ، و في سنة 91هـ قام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بتجديد المسجد الحرام و توسعته و تسقيف أروقته بالصاج المزخرف و جعل الأعمدة من الرخام.(السباعي،دت،130)