العوامل المؤثرة في إختيار المراهق لمهنته





هناك عوامل عديدة تؤثر في إختيار المراهق لمهنته المستقبلية نذكر منها ما يلي:
أ‌- العوامل الشخصية:
يختلف الناس فيما بينهم في إستعدادتهم وقدراتهم وميولهم، كما يختلفون في السمات والصفات المطلوبة لأداء العمل بنجاح ورضا.
فقد بين بوردن (Bordin, 1963) أن المهن تتباين وفقاً لسمات الشخصية
المطلوبة. وأشار سيجل (1960) إلى أن سمات الكتاب المبدعين تختلف عن سمات
المحاسبين، إذ يتميز المحاسبون بشخصية متكيفة ونمط دفاعي مثل العزلة
والعقلانية، في حين يتصف الكتاب المبدعون بالتمرد والعزلة، كما وجد أيضاً
علاقة إرتباط عالية بين إهتمامات المكتشفين والمبدعين وبين الأذكياء.
أما سمول (Small) فقد كشف عن وجود علاقة بين الشخصية المتكيفة والإختيار
المهني، إذ تبين أن المراهقين المتكيفين كانوا أكثر واقعية في إختيارهم
لمهنهم من المراهقين غير المتكيفين. وقد ذكر هرمز وإبراهيم في هذا الصدد
وجود علاقة بين القدرات الخاصة وبين الإختيار المهني. فالأعمال المختلفة
تتطلب مهارات خاصة لفظية أو حركية، في حين أن أعمالاً أخرى تتطلب إبداعاً
وأصالة وإستقلالاً ذاتياً. ولهذا فإن إمتلاك أو فقدان بعض هذه الإستعدادات
والقدرات يمكن أن يكون حاسماً في النجاح أو الفشل.
ب‌- العوامل النفسية:
تؤثر العوامل النفسية في إختيار المراهق لمهنته، فقد يتيح إختيار المراهق
لهمنة معينة إشباع بعض الدوافع بصورة مباشرة أو غير مباشرة بوسائل مقبولة
إجتماعياً. فهناك بعض الدوافع مثل دافع السيطرة، ودافع الحنو الوالدي،
والدافع الجنسي، قد تلعب دوراً أساسياً في ميل المراهق إلى هذه المهنة أو
تلك، وذلك بأن تجعله يعمل ضابطاً في الشرطة، أو مختصاً بالخدمة
الإجتماعية، أو بإدارة بعض الأعمال، أو العمل في طب النساء أو التمريض .
ج- الميول والقيم:
لا يعد تحديد القدرات بمفردها أساساً كافياً لإختيار المهنة المناسبة
للمراهق، فالمراهق قد يستطيع القيام بأعمال كثيرة، فالعمل الذي يميل إليه
هو ذلك العمل الذي يحقق فيه أعلى قدر من الرضا والسعادة والنجاح. فقد
أظهرت دراسة (تيرمان) الطولية على مجموعة من المراهقين الموهوبين أن 58%
من الذين أظهروا ميلاً نحو الهندسة أصبحوا مهندسين فعلاً فيما بعد، وأن
83% ممن أظهروا الميل نفسه أصبحوا فيما بعد فيزيائيين إضافة إلى الهندسة.
فالميول ذات أهمية خاصة في إختيار المراهق لمهنته؛ لأنها من العوامل
المهمة للتنبؤ بنجاح الطلبة وإختيارهم المناسب للدراسة والمهنة، وهذا ما
يؤكد نتائج الدراسات التي بينت أن الأفراد الذين يعملون في مهن تتفق مع
ميولهم يبدون أكثر رضا وأكثر إرتياحاً في عملهم، وأن أكثر الطلاب تحمساً
للدراسة هم أكثر ميلاً نحوها. فالميول تعد دافعاً لبذل الجهد ومتابعة
النشاطات، وقد بينت الدراسات أن الميل المهني عند الفرد يتبلور في سن 18
سنة ويثبت في عمر 21 سنة.
من جهة أخرى فإن توجيه المراهقين توجيهاً تربوياً مهنياً لا يعتمد على
الميول والقدرات عندهم، بل على القيم التي يحملونها وما لها من أثر فعال
في توجيههم لإختيار مهنهم. وهذا ما أكدته دراسة (فلورنس) ودراسة (مكارثي)
في وجود علاقة إرتباطيه بين القيم الإقتصادية والمهنية والتجارية، وبين
القيم الإجتماعية والميول نحو الخدمة الإجتماعية، والقيم الجمالية والميول
نحو المهن الفنية والقيم السياسية.
د- الجنس:
يتأثر إختيار المراهق للمهنة بالجنس (ذكراً كان أم أنثى)، إذ إن بعض المهن
التي تناسب الرجل قد لا تناسب المرأة. كما أن دخول المرأة ميدان العمل أدى
إلى تغير في طموحها المهني. فقد ذكر باردويك (Bardwick, 1971) أن غالبية
النساء أدركن أن دور المرأة يتوقف على حسن قيامهن بمهنة الزوجة والأم،
وبدرجة ثانوية على إعالة الأسرة. ولكن مع التغير الإجتماعي فإن الإتجاهات
نحو عمل المرأة آخذة في التغير، حيث أزدادت مطالب الحياة وتعقدت وأصبحت
الحاجة ماسة إلى عمل كل من الرجل والمرأة، مما أدى إلى زيادة عدد النساء
العاملات في القوى العاملة. كما أزداد عدد الرجال الذين يشاركون المرأة في
الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال.
من جهة أخرى فإن دخول المرأة ميدان العمل أدى إلى تغير طموحها المهني، فقد
أظهرت دراسة بارنت (1975) أن الذكور أكثر تفضيلاً للمهن ذات المقام الرفيع
بالمقارنة مع الإناث. وهذا يتوافق مع ما ذكره هورنر (1970) من أن إحدى
الدراسات التي أجريت عام (1966) بينت أن بعض الإناث لديهن خوف من النجاح،
حيث يتلخص ذلك في أن السعي وراء النجاح لا يتفق مع الأنوثة، وأن المرأة
التي تسلك كذلك قد تواجه بإستهجان المجتمع، ولا تتمكن من الإحتفاظ
بالعلاقات الطيبة الوثيقة مع الناس وخصوصاً من الرجال (مسن وآخرون، 1986).
أما الدراسة التي قام بها عيسوي (1974) فقد أظهرت أن أعلى ثلاث مهن تفضلها
طالبات الجامعة (قسم الدراسات الفلسفية) هي: أخصائية إجتماعية، مذيعة،
إختصاصية نفسية، وأن أعلى ثلاث مهن يكرهنها هي: مستخدمة، مدرسة، مهن في
المصانع والشركات.
هـ- تأثير الوالدين:
يؤثر الآباء تأثيراً كبيراً في إختيار أبنائهم لمهنهم سواء بصورة مباشرة
أو غير مباشرة. فالأب الذي يهوى الموسيقى يسعى إلى توفير جو موسيقى
لأبنائه، وكذلك الأب الذي يهوى الرسم... إلخ. فالآباء يعدون قدوة
لأبنائهم، إذ يميل الأبناء الذين يتوحدون مع آبائهم إلى إختيار مهنة
آبائهم، وإكتساب ما لديهم من ميول وقيم وأهداف. أما الأبناء الذين يكرهون
آباءهم فينبذون مهنهم حتى ولو كانت ملائمة لهم. كما يلزم الآباء أحياناً
أبناءهم بإختيار مهن معينة دون الأخذ بعين الإهتمام رغباتهم، مما ينجم عن
ذلك كثير من الأخطار (مشكلات تحصيلية أو مهنية). وقد أكدت الدراسات أن
الأسرة بصفة عامة والأب بصورة خاصة من أقوى المؤثرات الإجتماعية في توجيه
الأبناء نحو الدراسة، كما أكدت أيضاً قيم الوالدين وإتجاهاتهم في
الإختيارات المهنية لأبنائهم. فقد وجد موسين (1974) أن 43,6% من أولاد
الأطباء يختارون القانون. أما ديفيد (1977) فقد وجد أن أبناء الآباء
المسيطرين بدرجة كبيرة يقبلون من غير معارضة إختيارات آبائهم لمهنهم في
المستقبل حتى وإن تعارضت مع رغباتهم.
أما تشجيع الوالدين فله أهمية كبيرة في إختيارات المراهقين لمهنهم. فقد
أكد جاكبسون (1971) أن آباء مراهقي المرحلة الوسطى (15 سنة) يبذلون
محاولات جدية لتوجيه أبنائهم لإختيار مهنة معينة من خلال تعريفهم على
إمكانات العمل، وعن طريق المناقشة، والتشجيع الكلامي وإتاحة الفرصة أمام
المراهقين بتلقي دروس خاصة عن المهن، أو مزاولة المهنة بعض الوقت، كما
أوضح جاكبسون أيضاً أن تشجيع كلا الأبوين وليس الأب وحده يعطي نتائج أكثر
إيجابية في هذه العملية (هرمز وإبراهيم، 1988).
ويذكر سمبسون (1962) أن الأبوين اللذين يشجعان على الإنجاز والتفوق
الدراسي والمهني أقرب إلى أن يتمكن أبناؤهم من أن يضعوا لأنفسهم أهدافاً
مهنية عالية. كما أن المراهقين من أسر الطبقة العاملة أقرب إلى أن يبحثوا
لأنفسهم عن حظ أوفر من التعليم وأهداف مهنية أرفع مما هو سائد في طبقتهم
إذا كان الأبوان يشجعان ذلك.
و- المستوى الإجتماعي والإقتصادي للمراهقين:
يسعى المراهق في إختياره لمهنته إلى تأكيد المكانة الإجتماعية للمهنة
والمستوى الإجتماعي والإقتصادي الذي يترتب على إختيارها. فدافع التقدير
الإجتماعي من الدوافع القوية في إختيار المراهقين لمهنهم ذكوراً أم
إناثاً، فقد وجد إمبي (1956) في الولايات المتحدة الأمريكية أن الذكور من
المستوى الإجتماعي العالي يطمحون إلى مهن ذات مستوى عال بالمقارنة مع
الذكور من مستوى إجتماعي أقل. كما وجد سمث (1975) من خلال دراساته في
المجتمع الأمريكي أن تأثير الخلفية الإقتصادية والإجتماعية للمراهق يرتبط
بنوع إختياراته المهنية، حيث وجد أن المراهقين السود لديهم طموحات مهنية
غير واقعية. أما توماس (1976) فقد وجد عدم وجود إختلاف بين الطموحات
المهنية للطالب السود والطلاب البيض من أبناء الطبقة الدنيا، في حين أنه
وجد إختلافات جوهرية في مجال التعليم الجامعي بين إختيارات الطلبة السود
وإختيارات الطلبة البيض، فقد كانت إهتمامات الطلبة السود متجهة نحو العلوم
الإجتماعية والتربية والمجالات الصحية، في حين أن إهتمامات الطلبة البيض
كانت في مجالات الهندسة والفيزياء والبيولوجية. وهذا ما يؤكد أن المستوى
الإجتماعي والإقتصادي الذي ينتمي إليه المراهق يؤدي دوراً أساسياً في
تحديد درجة ما تحظى به المهن المختلفة من قبول وجاذبية. بمعنى أن المهنة
الواحدة قد تكون مقبولة في طبقة إجتماعية، وغير مقبولة في طبقة إجتماعية
أخرى. وأحد التفسيرات الممكنة للتفاوت بين المستويات الإجتماعية
والإقتصادية في الأهداف المهنية هو الفروق في القيم التي يتبناها أبناء
هذه المستويات مما يجعلهم يختلفون في إختياراتهم المهنية.
ز- التأثيرات المدرسية وجماعة الأقران:
تؤثر علاقة المدرس بطلابه المراهقين تأثيراُ كبيراً في درجة حبهم أو
نفورهم من بعض المهن. كما أن علاقة المراهقين بأقرانهم تؤثر أيضاً في
إختيارتهم المهنية، فقد أظهرت الدراسات أن تأثر المراهقات بمدرساتهم يفوق
تأثر المراهقين بمدرسيهم ولاسيما في بداية المراهقة، حيث يبلغ هذا التأثير
أقصاه عند كلا الجنسين. فقد أشارت دراسة مين أن 39% من إختيارات الطلبة
للفروع المختلفة قد تمت وفقاً لإرشاد المعلمين وتوجيههم في المدرسة. أما
فيما يتعلق بتأثير الأقران فقد تبين من خلال الدراسات العديدة أن هذا
التأثير نسبي، ويتعلق بنمط المجتمع الذي يعيش فيه المراهق وجنسه، وعوامل
أخرى تؤثر في الإختيار المهني.
www.balagh.com

شكرا لك اخي بارك الله فيك
ولكن النصف الاخر نقراه في ما بعد عينيا تبلوكاو
**شكرا جزيلا**