من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ، فإن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا. إن السرور فن يدرس ، فمن عرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش ، والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال ، فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه. وبحسب قوة القلب وصفائه ، تشرق النفس.
إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ، رواحل للهموم والغموم والأحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات ، وخفت عليه الأزمات.
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون ما تمر به الوحول
ومن أعداء السرور ضيق الأفق ، وضحالة النظرة ، والاهتمام بالنفس فحسب ، ونسيان العالم وما فيه ، والله قد وصف أعداءه بأنهم ( أهمتهم أنفسهم ، فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم ، ولا يعيشون لسواهم ، ولا يهتمون للآخرين. إن على وعليك أن نتشاغل عن أنفسنا أحيانا ، ونبتعد عن ذواتنا أزمانا لننسى جراحنا وغمومنا وأحزاننا ، فنكسب أمرين : إسعاد أنفسنا ، وإسعاد الآخرين.
من الأصول في فن السرور : أن تلجم تفكيرك وتعصمه ، فلا يتفلت ولا يهرب ولا يطيش ، فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح ، وأعاد عليك ملف الأحزان وقرأ عليك كتاب المآسي منذ ولدتك أمك. إن التفكير إذا شرد أعاد لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف ، فزلزل أركانك وهز كيانك وأحرق مشاعرك ، فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد ، { وتوكل على الحى الذي لا يموت } .
ومن الأصول أيضا في دراسة السرور : أن تعطي الحياة قيمتها ، وأن تنزلها منزلتها ، فهي لهو ، ولا تستحق منك إلا الإعراض والصدود ، لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع ، وجالبة الكوارث ، فمن هذه صفتها كيف يهتم بها ، ويحزن على ما فات منها. صفوها كدر ، وبرقها خلب ، ومواعيدها سراب بقيعة ، مولودها مفقود ، وسيدها محسود ، ومنعمها مهدد ، وعاشقها مقتول بسيف غدرها.
أبني أبينا نحن أهل منازل *** أبدا غراب البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر *** جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
أين الجبابرة الأكاسرة الألى *** كنزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بعيشه *** حتى ثوى فحواه لحد ضيق
خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا *** أن الكلام لهم حلال مطلق
وفي الحديث : ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وفي فن الآداب : وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته ، واقتناص أسبابه ، وتكلف بوادره ، حتى يكون طبعا.
إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم.
حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا ترى الإنسان فيها مخبرا *** ألفيتة خبرا من الأخبار
طبعت على كدر، وأنت تريدها *** صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هاو
والعيش نوم والمنية يقظة *** والمرء بينهما خيال ساري
فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعماركم سفر من الأسفار
وتركضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنهن عوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما *** طبع الزمان عداوة الأحرار
والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا { لقد خلقنا الإنسان في كبد } الموضوع الأصليhttp://www.quran-radio.com/nosad18.htm
موضوع: رد: فن السرور الجمعة نوفمبر 26, 2010 6:59 pm
بوركت أخي على هذا الموضوع القيم ، والذي يعتبر كذرس من دوروس الحياة ، وأود أن أضيف إليه
هذه الكلمات:ل
إننا أحياناً قد نعتاد الحزن حتى يصبح جزءاً منا ونصيرجزءاً منه
وفي بعض الأحيان تعتاد عين الإنسان على بعض الألوان .. ويفقد القدرة على أن يرى غيرها .. ولو أنه حاول أن يرى ما حوله لأكتشف أن اللون الأسودجميل .. ولكن الأبيض أجمل منه .. وأن لون السماء الرمادي يحرك المشاعر والخيال !
ولكن لون السماء أصفى في زرقته ..
فابحث عن الصفاء ولو كان لحظة .. !
وابحث عن الوفاء ولو كان متعباً و شاقاً !!
وتمسك بخيوط الشمس حتى ولو كانت بعيده ..
ولا تترك قلبك ومشاعرك وأيامك لأشياء ضاع زمانها !
إذا لم تجد من يسعدك فحاول أن تسعد نفسك ..
وإذا لم تجد من يضيء لك قنديلاً ..
فلا تبحث عن اخر أطفأه !
وإذا لم تجد من يغرس في أيامك ورده ..
فلا تسع لمن غرس في قلبك سهماً ومضى ...!!
وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا ..
وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيامناشمعة ..