موضوع: رد: الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان/فرقة الصحابيات السبت أغسطس 15, 2009 3:31 pm
<tr>
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا
مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان
حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها عبر ودروس، ومثال حي للقدوة الحسنى، في رمضان وغيره من شهور السنة. فلنلمح إلى شيء من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان باختصار.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم أول الأمر يصوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض عليه صيام رمضان، وذلك حين قدم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما هذا اليوم الذي تصومونه"؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغَرَّق فرعون وقومه؛ فصامه موسى شكرًا؛ فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فنحن أحق وأَوْلى بموسى منكم" . فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر بصيامه ( [1]).
وقال جماعة من العلماء: إنه كان واجبًا. وفي الصحيحين من حديث الربيع بنت معوذ - رضي الله عنها- قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: "من كان أصبح صائمًا؛ فليتم صومه. ومن كان أصبح مفطرًا؛ فليتم بقية يومه" أي يمسك بقية يومه.
فكنا بعد ذلك نصومه، ونُصَوِّمُ صبياننا الصغار منهم -إن شاء الله-
ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن ( [2])، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك، حتى يكون عند الإفطار ( [3]).
- فلما فُرِضَ رمضان كان صوم عاشوراء سُنَّة؛ من شاء صامه، ومن شاء تركه ( [4]).
وأول ما فرض رمضان كان على التخيير: إن شاء المسلم صام، وإن شاء أفطر وأطعم، حتى أنزلت: { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة: 185]؛ فألزم الناس بالصيام ( [5]).
([1] ) رواه البخاري (2004)، ومسلم (1130) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
([3] ) أخرجه البخاري (1960)، ومسلم (1136) من حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها.
([4] ) أخرجه البخاري (3831)، ومسلم (1125) من حديث عائشة رضي الله عنها.
([5] ) أخرجه البخاري (4507) ومسلم (1145) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
ولكن كان غير جائز لمن نام من الليـل أن يأكـل إذا استيقـظ، فإذا أفطر عند المغرب ثم نام بعد العشاء، فليس له أن يأكل لو استيقظ ليلاً.
روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطـار، فنام قبل أن يفطر؛ لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا! ولكن أَنطلِقُ فأطلبُ لك. وكان يومَهُ يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبةً لك. فلما انتصف النهار غُشِي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ( [1])، فنـزلت هذه الآية: ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ) [البقرة:187]؛ ففرحوا بها فرحًا شديدًا، ونزلت: ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُم الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْودِ) [البقرة: 187].
- وصام النبي صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات، أولها في السنة الثانية، التي كان فرضه فيها.
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر من العبادة، حتى إنه ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة؛ تفرغًا للعبادة. ولما واصل أصحابه نهاهم، وقال: "إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقيني" ( [2]). وقد تكلم الإمام ابن القيم في (زاد المعاد) عن هذا الحديث بالتفصيل، وبين معنى قوله يطعمني ربي ويسقيني، فليرجع إليه من شاء ( [3]).
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر في رمضان من قراءة القرآن -كما سبق بيان ذلك-.
- وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطر، وتأخير السحور، فإنه كان يفطر قبل صلاة المغرب، ثم يصلي. وكان يتسحر فلا يكون بين سحوره وصلاة الفجر إلا وقت يسير ( [4]).- وسافر صلى الله عليه وسلم في رمضان عدة أسفار، منها سفره لغزوة بدر، وسفره لفتح مكة، وكان صلى الله عليه وسلم ربما صام في سفره، وربما أفطر، ففي صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنا في سفر في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن
([1] ) أخرجه البخاري (1915) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
([2] ) أخرجه البخاري (1956)، ومسلم (1103) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([3] ) انظر زاد المعاد (2/ 32) وما بعدها.
([4] ) انظر صحيح البخاري (575)، ومسلم (1097) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وفي السنن عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر" ( [2]).
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: " أولئك العصاة. أولئك العصاة" ( [3]).
- وكان صلى الله عليه وسلم يزداد جودًا في رمضان - كما تقدم بيان ذلك-.
- ومن الأحكام التي بيَّنها صلى الله عليه وسلم بفعله أنه كان يدركه الفجر وهو جنب، ثم يغتسل ويصوم ( [4]).
([1] ) أخرجه البخاري (1945)، ومسلم (1122) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
([2] ) أخرجه النسائي (2345) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في إسناده جعفر بن أبي المغيرة، قال الحافظ في التقريب: صدوق يهم، وقال ابن منده : ليس بالقوي في سعيد بن جبير.
([3] ) أخرجه مسلم (1114) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
([4] ) البخاري (1926)، ومسلم (1109) من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.