الحديث القدسي
أ ـ تعريفه:
لغة: القدسي نسبة إلى القدس وهو الطهر ومنه قوله تعالى: (قل نزله روح القدس من ربك بالحق) أي الروح المقدس بمعنى المطهر.
واصطلاحاً: الحديث القدسي: هو ما رفعه النبي (ص) إلى الله تبارك وتعالى.
ب ـ تسميته:
يسمى: (الحديث القدسي) ويقال له (الحديث الإلهي) ويقال له أيضاً: (الحديث الرباني).
ومناسبة وصف هذا النوع من الأحاديث بذلك التكريم لها، لأن الأحاديث القدسية تدور معانيها غالباً على تقديس الله وتنزيهه عما لا يليق به من النقائص.
ج ـ مثاله:
من أمثلة الحديث القدسي ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس (رض) عن النبي (ص) فيما يرويه عن ربه قال: (لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى).
د ـ الفرق بينه وبين القرآن:
اختلف العلماء في الحديث القدسي هل لفظه ومعناه من الله تعالى أو لفظه من النبي (ص) ومعناه بوحي الله؟.
أ ـ فذهب كثير من أهل العلم إلى أن لفظه ومعناه من الله تعالى. وأنه أوحى به سبحانه إلى الرسول (ص) بطريقة من طرق الوحي غير الجلي، إما بمكالمة أو إلهام أو قذف في الروع أو حال المنام.
وعلى هذا يكون الفرق بينهما ظاهر، وذلك من عدة وجوه منها:
1 ـ أن القرآن الكريم كله موحى به من الله عن طريق الوحي الجلي ـ أي عن طريق جبريل (ع) ـ أما الأحاديث القدسية فهي موحى بها من الله بطريقة الوحي غير الجلي.
2 ـ أن القرآن معجز بلفظه ومعناه والأحاديث القدسية ليست كذلك.
3 ـ أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة شيء من القرآن، بخلاف الحديث القدسي فلا تجوز به الصلاة.
4 ـ أن القرآن الكريم متعبد بتلاوته، فلكل من قرأ حرفاً منه أجر محدد من الشارع بعشر حسنات، في حين ليس لمن قرأ الحديث القدسي إلا مطلق الفضل وأجر التفقه والتعلم.
5 ـ أن القرآن كله متواتر مفيد للقطع واليقين، وليست الأحاديث القدسية كذلك، بل يندر أن يكون منها حديث متواتر.
6 ـ أن القرآن لا يجوز مسه للمحدث بغير حائل ويحرم على الجنب تلاوته بخلاف الحديث القدسي.
7 ـ أن القرآن لا تجوز قراءته إلا بلفظه المتواتر بينما الحديث القدسي تجوز روايته بالمعنى.
8 ـ أن القرآن لا يطلق في الشرع إلا على الوحي المنزل على الرسول (ص) المسطور في المصاحف ولا يطلق اسمه على الأحاديث القدسية.
ب ـ وذهب بعض أهل العلم إلى أن الحديث القدسي لفظه من النبي (ص) ومعناه هو الذي أوحى به الله تبارك وتعالى إليه.
وعلى هذا يكون الفرق بين الحديث القدسي والقرآن إضافة إلى ما سبق:
9 ـ أن القرآن الكريم لفظه من عند الله قطعاً، وأما الحديث القدسي فلفظه من عند رسول الله (ص) وإن كان معناه من الله.
ب ـ تنبيه:
يتعلق بما مضى من الكلام على الفرق بين الحديث القدسي والقرآن مسألتان:
الأولى: ما دام أن الحديث القدسي من الله تعالى ، فلم لم يكتف بالقرآن الكريم عن الحديث القدسي؟.
ولعل جواب ذلك أن يقال: إن الله تعالى أراد أن يبين أن بعض كلامه معجز وهو القرآن، وبعضه غير معجز وهو الأحاديث القدسية، ولعل مما يؤيد هذا أن التوراة والإنجيل مع أنهما نزلا من عند الله فليسا معجزين.
الثانية: إذا كان الحديث القدسي لفظه من عند النبي (ص) كما هو القول الثاني، فما الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي؟.
ولعل جواب ذلك أن يقال إن أهم فرق بينهما هو:
أن الحديث القدسي فيه تنصيص على أنه بوحي من الله بينما الحديث النبوي قد يكون بالوحي، وقد يكون بالاجتهاد، والمحققون من أهل العلم على أن النبي (ص) يجتهد ولكنه لا يقر على خطأ بل ينزل الوحي من الله مصوباً له ومنبهاً وإذا اجتهد (ص) وسكت الوحي عن اجتهاده كان ذلك بمثابة الوحي من الله.
هـ ـ طريق رواية الحديث القدسي:
لأهل الحديث في رواية الحديث القدسي طريقان:
الأول: أن يقول الراوي عن النبي (ص): (قال رسول الله فيما يرويه عن ربه قال...).
أو يقول الراوي عن النبي (ص): (قال رسول الله (ص) قال الله تعالى...).
أو يقول: (قال رسول الله (ص) يرويه عن ربه قال...).
الثاني: أن يقول الراوي عن النبي (ص) قال الله تعالى فيما يرويه عنه رسول (ص).
والطريق الأول أولى لما فيها من موافقة الأحاديث القدسية.
و ـ أهم المصنفات في الحديث القدسي:
لقد عني العلماء بجمع الأحاديث القدسية في مصنفات خاصة من أهمها:
1 ـ (مشكاة الأنوار فيما روي عن الله سبحانه وتعالى من الأخبار) للشيخ محي الدين أبو عبدالله محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الأندلسي المرسي، (638هـ ). وقد بلغ ما جمعه في كتابه من الأحاديث القدسية حديث واحد ومائة حديث.
2 ـ (الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية، للشيخ عبدالرؤف المناوي (1301هـ ) وقد بلغ ما جمعه من الأحاديث القدسية اثنين .