موضوع: فضل العشر الأواخر من رمضان الأربعاء أغسطس 12, 2009 10:30 am
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، امتنَّ على عباده المؤمنين فهداهم للإسلام وأتاح لهم أوقات الفضائل ومواسم العبادة ليتزودوا من الأعمال الصالحة، ويتوبوا إلى ربهم من الأعمال السيئة. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ومصطفاه وخليله، الذي ضرب أروع الأمثلة في اغتنام مواسم الفضائل، والحث على اغتنامها والتحذير من إضاعتها، نصحاً للأمة وحرصاً على جلب الخير لها، ودفع الشر عنها، فقد كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذي تمسكوا بهديه ومن سار على نهجهم، واهتدى بهديهم، واقتفى آثارهم إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد: أيها المسلمون: اتقوا الله عز وجل وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281] واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلاله، وكل ضلالة في النار. عباد الله: تقربوا إلى الله عز وجل بالعمل الصالح فيما بقي من أيام وليالي هذا الشهر الكريم فها هو شهركم قد مضى نصفه وكثيرٌ من الناس مُكِبٌّ على شهواته وغفلاته، فليحاسب كلٌ منا نفسه ماذا قدم من عملٍ صالح؛ فيستمر عليه، وماذا فرط فيما مضى، فيتدارك ما بقي من أيام وليالي في هذا الشهر المبارك. ومن يدري أيتم هذا الشهر أم يكون من عداد الموتى؟ وتعرضوا -رحمكم الله- لمواطن مغفرة الله عز وجل، فإنكم في عشر المغفرة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، واعلموا أنكم تستقبلون عما قريب العشر الأواخر من هذا الشهر العظيم عشر العتق من النيران، فاستعدوا لها بالعمل الصالح، أسوةً بنبيكم صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها }
وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها قالت: {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظَ أهله }. فاستعدوا يا عباد الله! فإن من اغتنم هذه الأوقات قبل فواتها لعله يحظى بمغفرة الرحمن، والعتق من النيران والشقي من استمر في غيه وجهله، وضلاله؛ فضيع الأوقات واتبع الشهوات، فيندم حيث لا ينفع الندم. هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبينا محمد، كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] وقال صلى الله عليه وسلم: في الحديث الصحيح في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: {من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشراً }. اللهم صلِ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق قادة المسلمين لما تحب وترضى، اللهم وفقهم لتطبيق الشريعة يا أرحم الراحمين! اللهم احفظ إمامنا بحفظك، واكلأه بعنايتك ورعايتك، وارزقه التسديد والتوفيق لما تحب وترضى، يا رب العالمين! اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اهدِ المسلمين سبل السلام وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأصلح قادتهم وعلماءهم وشبابهم ونساءهم يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اجعلنا من المقبولين، اللهم اجعلنا من المقبولين ولا تردنا خائبين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ