موضوع: الانسان والمغامرة الخميس أغسطس 27, 2009 4:46 pm
يقول الشاعر : شرف العلا لمجازف جوال ركّاب أهوال إلى أهوال يقولون: “الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة.. أو لا شيء”. وهي مقولة صادقة إلى أبعد الحدود إذا علمنا أن الحياة بلا مغامرة شبيهة بنهر راكد آسن لا حركة فيه ولا حياة: فمن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر في مرحلة الشباب حيث ذروة الطاقة في النفس والجسم والعقل، وحيث الفراغ من المسؤوليات المتعلقة بالغير من أسرة أبناء المجتمع، هنا تبدأ مرحلة تكوين المستقبل ورسم حدود الشخصية والتخطيط لحياة أفضل وأجمل وتحديد ملامح أهداف المستقبل، هنا في هذه المرحلة تكون المبادرات والتطلع للأمام بالمجازفة والمغامرة في أشرف الأعمال، ونسيان الخوف المزمن، أو النظر للماضي، أو التوقف في منتصف الطريق، أو التذبذب بين الإقدام والإحجام.. في هذه المرحلة يبدأ الاستعداد لتحقيق الأحلام والأماني، فالإنسان بدون الأحلام يكون بدون أمل، وبدون الأمل سيكون بدون هدف. إن روح المغامرة هي التي قدمت هذا العالم المليء بالجمال، فهي بداية اكتشاف القارات والعلوم والكواكب وكنوز الأرض واكتشاف وسائل الشفاء للأمراض المستعصية، إن المغامرة هي فرصة لإثبات الذات وصقل التجارب وتحقيق الأهداف النبيلة في الحياة، وما الحياة بدون أهداف إلا ضياع العمر وخواء النفس. والاستقلال الذاتي والقرار الشخصي هما المفتاح لتكوين روح المغامرة.. فالذين وصلوا لقمم النجاح في التجارة والسياسة والفنون والاختراعات والكشوفات العلمية، كانت المغامرة هي الخطوات الأولى في مسار حياتهم، فكانت مواقفهم اليومية عبارة عن محاولات وتجارب وعدم التوقف أو القنوع بأدنى كسب أو نجاح زهيد، بل بتكرار المحاولات حتى الوصول لقمة تحقيق كامل الهدف. وكما قال الشاعر: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم إن علو الهمة والاعتزاز يجلبان معهما - بشكل طبيعي - البحث عن المهام والتحديات والمعضلات والأهداف التي تستحق جهد الفرد ووقته. كما أن الأهداف الكبيرة والتحديات العظيمة والمعضلات المستعصية، تخلق الإثارة والشعور بالرضى عن النفس، وتنشط روح المغامرة التي تجعل الحياة جديرة بأن نحياها. نجاح المغامرات يعتمد على كيفية تقدير الإنسان لعقله واستثمار ملكاته ومواهبه، ويستطيع الإنسان استغلال قدراته الإبداعية بعدد لا نهائي من الطرق في إنجاز عمل ما. ومن ناحية أخرى، فبإمكانه أن يأتي بعدد لا نهائي من الأسباب المختلفة ليبرر عدم نجاح هذا العمل. لذلك علينا أن نخلق في عقولنا وفي مجتمعنا جوًا يبحث فيه الأفراد عن خيارات وإمكانيات وطرق أفضل، علينا أن نقيم الهدف وصورة الإنجاز على قاعدة أننا نريد تحقيقه، بذلك نجتذب الأشخاص الذين يرغبون فعلًا في إنجازه. فإنك إذا لم تنطلق وحولك من يرغب بأداء المهمة، سوف تجد نفسك محاطًا بالكثيرين ممن يحاولون خلق أسباب تبرر عدم إمكانية الإنجاز. لذا، فإن أول خطوة وأول فرضية هي: (هل تريد القيام بالمغامرة أم لا؟). تخيل احترامك لذاتك كما لو كان وعاءً.. إبريقًا سعته غالون مثلًا.. وهناك مزارع تعهد يقطينة حتى نمت بشكل وحجم ذلك الإبريق بالضبط.. وعندما سأله المعجبون بدهشة كيف استطاع جعلها تشبه الإبريق، فسر لهم ذلك بأنه وضع اليقطينة في إبريق سعته غالون منذ اللحظة التي كانت فيها برعمًا. إن تصورك، ومهمتك وأهدافك تشبه تلك اليقطينة: أنت تملك العبقرية في أعماقك، ولكنها تعمل فقط ضمن الوعاء الذي تحيطها به. إن هذا الوعاء قد يكون احترامنا لذواتنا ومهارتنا الفكرية. وإنني اعتقد بصدق، بأننا نستطيع ملء وعاء مهما كان حجمه والتحدي يكمن في بناء الوعاء المناسب.