رمضان .. ذلك الشهر العظيم الذي ينتظره المسلمون بشغف ولهفة , وينتظره المؤمنون بشوقٍ ودمعة , دموع فرح باستقبال أغلى وأكرم الشهور على قلوبهم ..
إنه شهر الخير والرحمة , شهر النقاء والعفة , شهر الطهر والصفاء ..
فيه تصفو القلوب , وتسمو النفوس , وترقى الأرواح .
فهنيئاً لكم أيها المسلمون بقدوم شهر الخيرات , شهر المبرات , شهر المسرات , يباهي الله بكم ملائكته , وينظر إلى تنافسكم فيه ..
مرحباً بك أيها الضيف الكريم والشهر العظيم , مرحباً بك يا شهر الإحسان,يا نبع الغفران , يا حبيب الرحمن ..
ها هي مواسم العطر جاءت بشذاها تنشره بين الناس , مواسم لجني الحسنات , والتخفيف من السيئات , فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ..
يقول معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم : ( إذا كانت أول ليلة من رمضان فتّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب , وغلـّـقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب , وصفّدت الشياطين , وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل , ويا باغي الشر أقصر , ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) أخرجه البخاري ومسلم.
إخوتي في الله ..
رمضان كان أمنية حبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم , حيث كان يقول :
( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) وقد كان السلف رحمهم الله يدعون ربهم ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان الماضي , ويدعونه ستة أشهر أخرى أن يبلغهم رمضان الحالي , فأين نحن من الرعيل الأول رضوان الله عليهم .
مرحباً يا سيد الشهور..
يقول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه :
( أتـاكم شـهر رمضـان , شـهر بركـة , يغشـاكم الله فيه بـرحمته , ويـحط الخطـايـا , ويستجيب الدعاء , ينظر إلى تنافسكم فيه , ويباهي بكم ملائكته , فأروا الله من أنفسكم خيراً , فإن الشقي من حرم رحمة الله) أخرجه الطبراني.
وفي الناس صنفان : صنف يستقبل رمضان بالموائد والمطاعم والمشارب , يقضي معظم النهار نائماً , ويقطع معظم ليله هائماً .
والصنف الثاني يستقبل رمضان بالعودة إلى الله والتوبة والاستغفار وترك ما نهى الله عنه من العصيان لا سيما في شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران ..
والحكمة من الصيام , الحكمة التي من أجلها شرع الصيام هي التقوى( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كم كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)
ألسنة صائمة عن الفحش والسباب والرفث , وآذان صائمة عن سماع الفحش من القول , وأعين لا تنظر إلى حرام , قلوب مخبتة إلى الله ناظرة .
والخسران العظيم أن نخرج من رمضان ولم نزدد فيه حسنة , ولم نرقى فيه عند الله درجة ذلك وربي هو الخسران المبين .
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ٍ حتى عصى ربّه في شهر شعبان ِ
لقد أظلك شهر الصــــوم بعدهـــما فلا تصيّـرهُ أيضاً شهر عصيــان ِ
والفائز والرابح بإذن الله هو من صام امتثالاً لأمر الله ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى فتكون المكافأة كبيرة والعطية جزيلة .
أخرج ابن أبي الدنيا وغيره بسند حسن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة , يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة , فشفعني فيه , ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه , قال فيشفعان ) فاجتهدوا أحبتي بتلاوة الذكر الحكيم آناء الليل وأطراف النهار فالقرآن إما شاهدٌ لك أو عليك .
فيجب علينا استقبال الخير والإحسان بالخير والإحسان , بهجر المنكرات , وترك الموبقات وعلينا بصلة الأرحام وبر الوالدين فإنها ترضي الرحمن وتدخل بها الجنان برفقة المصطفى العدنان .