شبّان اليوم.. لا يقرأون!!
* أسرة البلاغ
كثير من الشاب اليوم لا يقرأون.. وإذا قرأوا فقراءات سطحيّة وعشوائية غير هادفة...
نسبة كبيرة ومخيفة من الشبّان والفتيات لا يقرأون، تكاد تصل في بعض البلاد العربية والإسلامية إلى 80% أحياناً.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أنّ ثمة "أُمّيّة" من نوع آخر متفشّية في أوساط الشباب.. حتى مقررات المنهج الدراسيّ لا يُقبل عليها الكثيرون إلّا لغرض أداء الامتحان.. فإذا فروغوا منه رموها في (القمامة).. أو مزّقوها إرباً إربا.. أو تركوها طعاماً للنار يتلذّذون باستحالتها إلى رماد، وكأنّهم ينتقمون من عدّوّ لدود!
ظاهرة العزوف عن القراءة ذات دلالة خطيرة.. إنّها تعني أنّنا أمام جيل غير مثقّف.. ثقافتُهُ انتقائية.. يلتقط من (التلفاز) شيئاً، ومن (الانترنيت) شيئاً، وممّا يقع تحت يده من الصحف شيئاً.. ولا يستطيع أن يركِّب من هذا المتناثر من قطع الأحجار.. بناءً ثقافياً!
هل الانشغال بالبدائل (غير البديلة) هو السبب؟
هل التربية على عادة القراءة توقّفت أو انخفضت بشكل واسع في بيوتنا ومدارسنا؟
هل تكاثر وسائل اللهو لم تدع فرصة ولو نادرة للقراءة؟
لم يعد (القرآن) هو الكتاب الوحيد المهجور في هذا العصر.. الكتب الثقافية الأخرى.. تشتكي وتبكي على رفوف المكتبات.. بل وتندب حظّها.. يتراكم عليها الغبار ولا تجد مَن ينفضهُ عنها إلّا نادراً.. وتكابد الصمت والوحشة ولا تعثر على مَن يجالسها ليطرد عنها وحشتها!.
أين التغنّي بـ "وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ".
لم تكن الكلمة الأولى التي وجّهتها السماء للنبي (ص): "صلِّ".. كانت "إقرأ"!.. لأنّ الصلاة تحتاج إلى القراءة.. والعبادة تحتاج إلى القراءة.. ومعرفة الله تحتاج إلى القراءة.. والطاعة الواعية، بل الإيمان- بصفة عامة- يحتاج إلى القراءة..
النموّ.. والرقيّ.. والسموّ عماده القراءة..
بلوغ المآرب والمراتب والانتصارات زاده القراءة أيضاً.
من خلال قراءتنا للسيرة الذاتية لعدد من العظماء.. رأينا أنّ من بين أسباب تفوّقهم ورفعتهم واشتهارهم وقدرتهم على الوصول إلى القمم التي وصلوا إليها.. هي القراءة.. كان كلّ كتاب يقرأونه بمثابة القوّة الدافعة للارتقاء في مدارج المجد.. يقرأون ويعملون بما يقرأون..
كانت المطالعة ذات يوم موضع (تنافسٍ) و(تفاخر) و(زينة) بل ومزيّة من مزايا الشخصية..
اليوم.. هي شيء ثانويّ.. ترفيّ.. لا اعتبار له.. ولا ينتقص من القيمة.
صحبة الكتب أهمّ- أحياناً- من صحبة الأصدقاء.. وإذا كانا صالِحَينْ فهما من مواهب الزمن ونعم الله:
صالحُ الإخوانِ يبيغكَ المُنى ورشيدُ الكُتْبِ يبغيكَ الصوابا
ويقول آخر:
أو من صديقٍ إن خلوتُ كتابي***** ألهو به إنْ خانني أصحابي!
فإذا قيلَ لك: خيرٌ لكَ أن تزخر مكتبتُك بالكتب من أن تمتلئ محفظُتكَ بالنقود.. ماذا يكون ردّك أو تعليقك؟!
لعلّ البعض يتندّر ساخراً: المجدُ في (الكيس) لا في (الكراريس)!!
فأين المحفظة الملأى من كتبٍ مملّة؟!
هذا أمرٌ مؤسف.
الكتب هي ثروة أيضاً.. ولذلك قيل: "إجعل ما في كتُبك رأس مال"!!
حكيم اليونان "سقراط" كان يقول: "إذا أردتُ أن أحكم على إنسان، فإنِّي أسألهُ: كم كتاباً قرأت؟ وماذا قرأت؟"!
المؤرِّخ (آرنولد توينبي) يقول: "ليست العبرة في كثرة القراءة، بل في القراءة المجدية"!
الكاتب (عباس محمود العقّاد) يقول: "يقول لك المرشدون: إقرأ ما ينفعُك، ولكنّي أقول: بل انتفع بما تقرأ"!
الأديب (ميخائيل نعيمة) يقول: "عندما تُصبح المكتبة في البيت ضرورة كالطاولة، والسرير، والكرسيّ، والمطبخ.. عندئذٍ يمكن القول بأنّنا أصبحنا قوماً متحضّرين"!
هذه رؤية العارفين بقيمة القراءة.. والآن نضعُ بين يديك خلاصة تجارب قُرّاء قرأوا جيِّداً فصاغوا قناعاتهم بالنسبة للقراءة بكلمات:
- "لا شيء يمكن أن يصنع بالإنسان، ما تصنعه الكلمة المكتوبة". (بلاتون)
- "إذا أردت أن تختم على كتاب فاعدْ النظر فيه، فإنّما تختم على عقلك"! (علي بن أبي طالب)
- "المكتبة.. هي المستودع لأدوية الفكر". (حكيم يوناني)
- "الكتُب.. حصون العقلاء". (إبن المقفّع)
- "بيت بلا كتب.. كجسد بلا روح". (شيشرون)
- "أن تعيش مع الكتب، هذا يعني أنّك تعيش في صحبة أشرف الشخصيات الماضية". (ديكارت)
- "يجب أن تمضغ الكتاب جيِّداً حتى تحصل على عصارته". (حكيم صيني)
"ربّ كلمةٍ من حرفين تمرّ عليها، وأنتَ لا تُبصرها، وفيها سرُّ وجودِك كلّه"! (قارئ بصير)
وقال قارئ خبير: "ما مرِّ بي همٌّ، لم تبدّده ساعة مطالعة"!
المصدر: كتاب الشباب.. شؤون وشجون
www.balagh.com