المكتبي ودوره في تنشيط القراءة
* د. عبداللطيف الصوفي
إن الاهتمام بتثقيف الآخرين، وتدريبهم على تحصيل المعلومات بأنفسهم، وشحذ هممهم للبحث عن المعلومات، بدافع ذاتي، قصد تحصيل المعارف الجديدة باستمرار، له فلسفة خاصة، تجعل القراء أكثر ثقة بأنفسهم، تقوم على مبادئ التربية الحديثة، وقوامُها: تربية الأجيال للمستقبل، وفيها يتم التركيز على الاهتمام بحاجاتهم النفسية والاجتماعية، والإيمان بقدراتهم الخلاقة المبدعة ورعايتها، فضلاً عن بذل كل جهد ممكن لإقامة علاقات حميمية معهم، دون السعي إلى فرضِ أسلوبنا في الحياة والعمل عليهم، فقد خلقوا لزمان غير زماننا. ومن هنا، نكون بحاجة إلى استخدام طرق التربية الحديثة، لإقامة صلات محبة ومودة، بين المكتبيين والقراء، قصد تحبيبهم بالقراءة والمطالعة، دون فرضها عليهم.
ويلعب المكتبي دوراً هاماً في تكوين الميول القرائية عند التلاميذ، وتوجيههم نحو القراءة الصحيحة. ومن الأمور المفيدة التي يمكنه تقديمها للقراء،نذكر:
* جعل القراءة مصدر فرح لهم، وتعويدهم طرقَ القراءة في مختلف أوعية المعلومات، ومواد القراءة، ومستوياتها.
* ترشيد اختيارهم للكتب المفيدة لهم، ومساعدتهم على تزجية أوقات فراغهم بالنافع والمفيد.
* مساعدتهم على فهم أصول قراءة أنواع النصوص، وسبل استيعابها.
* إفساح المجال أمامهم للتعبير عن أفكارهم، وإبداعاتهم، عن طريق مجلة المكتبة، وصحيفة الجدار.
* وصلهم بالمكتبات العامة، وتوطيد صلاتهم معها.
ويجب على المكتبي، أن يخطط لساعات القراءة في المكتبة، ويحدد بالتفاهم مع المعلمين، أوقات المطالعة الجماعية، وإجراءُ نقاش حول الكتب، مع احترام هذه الأوقات احتراماً تاماً. وعليه كذلك، تحديد مواعيد للقراءة الصامتة، والقراءة الجهرية، وغيرها، من مثل قراءة أنواع المنشورات (قوائم مبيعات، إعلانات مبوبة، صحف، مجلات، وغيرها). ويجب أن تكون حصة القراءة، في جميع الأحوال، شائقة ومثيرة، حتى يحرص التلاميذ تلقائياً على حضورها، ولا بد من الاهتمام بمشكلات التلاميذ القرآئية، واحداً، واحداً، بما يضمن تحسين قراءتهم مع الوقت.
ويجب التركيز في حصص القراءة على الفهم والاستيعاب، أكثر من التركيز على الإجابات الصحيحة عن الأسئلة المطروحة حول النصوص، والمكتبة هي المكان الأنسب للتدرب على استخدام مختلف المراجع العامة كالمعاجم، وكتب التراجم والسير، والأطالس، والموسوعات، والأدلة، وما في حكمها، لارتباطها بالمكتبة. لذا يجب على المكتبي أن يعطي هذا النوع من التدريب حقه من العناية والرعاية. ويجب أن يعرف التلاميذَ بأجزاء الكتاب، والكشافات، والفهارس، والهوامش، مع توضيح فوائد كل منها.
ومن واجب المكتبي أيضاًَ توجيه الدارسين نحو القراءة الحرة في كتب التسلية، كالقصص، والمسرحيات، باختيار مجموعة مناسبة منها في كل مرة، يضعها بين أيديهم، ليختاروا منها بحرية، ما يحبون قراءته. وهناك مكتبات تنظم الكتب فوق الرفوف تبعاً لأعمار الأطفال، ومستوياتهم العلمية، بإشراف لجان تربوية متخصصة، تتولى عملية الفرز والتحديد، وتوجيه كل كتاب منها، نحو الرف المناسب، بعد أن تضع على كعب الكتاب، ورقة دائرية لاصقة، بلون المرحلة التي تناسبه. ويوجد منها ثلاثة ألوان في المرحلة الابتدائية هي: اللون الأخضر للصفين الأول والثاني، واللون الأصفر، للصفين الثالث والرابع، واللون الأحمر، للصفين الخامس والسادس. وهكذا يكون بإمكان القراء الصغار، التوجه بحرية، لاختيار الكتب من على الرفوف التي تناسب مستواهم، ويقرؤوا بها، فالقارئ يحب قراءة الكتاب الذي يختاره بنفسه، أكثر من الكتاب الذي يفرض عليه، وهذا مبدأ هام من مبادئ تنمية الميول القرائية، إنه الاختيار الحر من بين الكتب المناسبة.
المصدر: كتاب فن القراءة (أهميتها..مستوياتها.. مهاراتها.. أنواعها)
www.balagh.com