موضوع: كتاب يا ابنتي و يابني ل علي الطنطاوي. الجمعة نوفمبر 06, 2009 3:37 pm
كتاب: يا بنتي و يا ابني
تأليف :على الطنطاوي
يصف الكاتب الشيخ على الطنطاوي يرحمة الله كان يكتب و يخطب في المساجد من ستين سنة , لكن ما اشهر ما كتب و انتشر بين الناس هي مقالتين كتبها يرحمه الله هي مقالة (يا بنتي) كتبها وهو يمشى الي الخمسين في هذه المقالة كان يواجه طريقتين :طريق الشبهات و هو مرض أشد خطر و أكبر ضررا و لكنه بطئ السريان و كثير العدوى وهو المرض الذي يضنه و لا يفنه و يؤذيه و لا يميت هو يرحمه الله و الطريق الثاني هو الشهوات و نعرض ملخص كتيبه يرحمه الله
يا بنتي
بابنتي , أنا رجل يمشى إلى الخمسين قد فارق الشباب و ودع أحلامه و أوهامه ثم إني سحت في البلدان و لقيت الناس و خبرت الدنيا , فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سني و تجاربي لقد كتبنا و نادينا ندعو إلى تقويم الأخلاق و محو الفساد و قهر الشهوات حتى كلت من الأقلام و ملت الألسنة و لا أزلنا منكر بل إن المنكرات لتزداد و الفساد ينتشر و السفور و التكشف تقوى شرته و تتسع دائرته و يمتد من بلد إلى بلد حتى لم يبق بلد إسلامي فيما أحسب في نجوه منه حتى الشام التي كانت فيها الملاءة السابغة و فيها الغلو في حفظ الأعراض و ستر العورات قد خرج نساؤها سافرات حاسرات كاشفات السواعد و النحور
ما نجحنا و ما أظن أننا سننجح ! أتدرين لماذا؟ لأنا لم نهتد إلى اليوم إلى باب الإصلاح , و لم تعرف طريقة إن باب الإصلاح أمامك أنت يا بنتي و مفتاحه بيدك صحيح أن الرجل هو الذي يخطو الخطوة الأولى في طريقة الإثم , لا تخطوها المرأة أبدا , و لكن لولا رضاك ما أقدم , و لولا لينك ما اشتد , أنت فتحت له وهو الذي دخل , فلت للص: تفضل! فلما سرقك اللص صرخت: أغيثوني يا ناس ! لو عرفت إن الرجل جميعا ذئاب و أنت النعجة لفررت منهم فرار النعجة من الذئب و أنهم جميعا لصوص لاحترست منهم احتراس الشحيح من اللص إذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها فالذي يريده من الرجل أعز عليك من اللحم على النعجة, و شر عليك من الموت عليها يريد منك أعز شئ عليك : عفافك الذي به تشرفين و به تفخرين , و به تعيشين و حياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها أشد فجعها الذئب بلحمها ..., ما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ثم تصورها بلا ثياب
لا تصدقي قول الرجل إنهم لا يرودن في البنت إلا خلقها و أدبها و أنهم يكلمونها كلام الرفيق و يودونها ود الصديق كذب و الله , و لو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم لسمعت مهولا مرعبا و ما يبسم لك الشاب بسمة ولا يلين لك كلمة و لا يقدم لك خدمة إلا وهي عنده تمهيد لما يريد أو هي على الأقل إيهام لنفسه أنها تمهيد و ماذا بعد؟ماذا يا بنت ؟ فكري
تشتركان في لذة ساعة , ثم ينسى هو , تظلين أنت أبدا تتجرعين غصصها , يمضى (خفيفا) يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عرضها , و ينوء بكل أنت ثقل الحمل في بطنك , و الهم في نفسك و الوصمة على جبينك , يغفر له هذا المجتمع الظالم , و يقول :شاب ضل ثم تاب , تبقين أنت في حماة الخزي و العار طول الحياة , لا يغفر لك المجتمع أبدا و لو أنك إذ لقيته نصبت له صدرك , و زويت عنه بصرك , و أريته الحزم و الإعراض لما تجرئ بعدها فاجر
و البنت مهما بلغت من المنزلة و الغني و الشهرة و الجاه , لا تجد البنت أملها الأكبر و سعادتها إلا في الزواج في أن تكون زوجا صالحة , و أما موقرة و ربة بيت الزواج أقصى أماني المرأة و لو صارت عضوة البرلمان و صاحبة السلطان , و المستهترة لا يتزوجها أحد حتى الذي يغوى البنت الشريفة بوعد الزواج إن هي غوت و سقطت تركها و ذهب إذا أراد الزواج فتزوج غيرها من الشريفات لأنه لا يرضى أن تكون ربه بيته و أم بنته امرأة ساقطة ! و الرجل إن كان فاسقا داعرا , إذا لم يجد في سوق اللذات بنتا ترضى ان تريق كرامتها على قدميه , و أن تكون لعبة بين يديه إذ لم يجد البنت المغفلة التي تشاركه في الزواج على دين إبليس و شريعة القطط فكساد سوق الزواج منكن يا بنات لو لم يكن منكن الفاسقات ما كسدت سوق الزواج ولا راجت سوق الفجور ....فلماذا لا تعملن , لماذا لا تعمل شريفات النساء على محاربة هذا البلاء؟انتن أولى به و أقدر عليه منا لأنكن أعرف بلسان المرأة , و طرق إفهامها , و لأنه لا يذهب ضحية هذا الفساد إلا أنتن : البنات العفيفات الشريفات البنات الرصينات الدينيات
في كل بيت من بيوت الشام بنات في سمن الزواج لا يجدن زوجا لأن الشباب وجدوا من الخليلات ما يغني عن الحليلات , قلن للغافلات: إنكن صبايا جميلات فلذلك يقبل الشباب عليكن , و يحومون حولكن , و لكن هل يدوم عليكن الصبا و الجمال ؟ و متى دام في الدنيا شئ حتى يدوم على الصبية صباها و على الجميلة جمالها ؟ فيكي بكن إذا صرتن عجائز محنيات الظهور مجعدات الوجوه ؟ من يهتم يومئذ بكن ؟ و من يسأل عنكن ؟ أتعرفن من يعتم بالعجوز و يكرمها و يوقرها ؟ أولادها و بناتها , و حفدتها و حفيداتها هنالك تكون العجوز ملكة في رعيتها و متوجة على عرشها على حين تكون أنتن أعرف بما تكون عليه
فهل تساوي هذه اللذة تلك الآلام؟ و هل تشتري بهذه البداية تلك النهاية ؟
فيمكن الرجوع إلى الخير خطوة خطوة , فالحال أصبح أسوأ من حال الحيوانات فالديكين إذا اجتمعا على الدجاجة اقتتلا غيرة عليها و ذودا عنه , و على الشواطئ في الإسكندرية و بيروت رجال مسلمون لا يغارون على نسائهم المسلمات أن يراهن الأجنبي و في النوادي و السهرات رجال مسلمون يقدمون نساءهم المسلمات ليراقصهن الأجنبي , في الجامعات المسلمة شباب مسلمون يجالسون بنات مسلمات متكشفات و لا ينكر ذلك أحد
إن دعاة المساواة و الاختلاط باسم المدنية قوم كذابون من جهتين : كذابون لأنهم ما أرادوا من هذا كله إلا إمتاع جوارحهم و إرضاء ميولهم و إعطاء نفوسهم حظها من لذة النظر و ما يأملون به من لذائذ أخر و لكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به فلبسوه بهذا الذي يهرفون به من هذه الألفاظ الطنانة التي ليس وراءها شئ : التقدمية و التمدن .......الخ
فالاختلاط يكسر شره الشهوة , و يهذب الخلق و ينزع من النفس هذا الجنون الجنسي و أنا أحيل في الجواب على من جرب الاختلاط في المدارس , فيا ابنتي لا تقدمن نفوسكن ضحايا على مذبح إبليس لا تسمعن كلام هؤلاء الذين يزينون لكن حياة الأخلاط باسم الحرية و المدنية و التقدمية......الخ , فأكثر هؤلاء لا زوجة له و لا ولد , و لا يهمه منكن جميعا إلا اللذة العارضة أما أنا فإني أبو بنات فأنا حين أدافع عنكن أدافع عن بناتي , أنا أريد لكن من الخير ما أريده لهن
يا ابني
كتبها الشيخ رحمة الله عليه ردا على رسالة من السيد"م.أ" من مصر و نشرت عام 1955م لماذا تكتب الى على تردد و استحياء ؟ أتحسب أنك أنت وحدك الذي يحس هذه الموقدة في أعصابة من ضرم الشهوة , و أنك أنت وحدك الذي اختص بها دون الناس أجمعين ؟ لا , يا ابني , هون عليك , فليس الذي تشكون داءك وحدك , و لكنه (داء الشباب), و قد كتبت فيه قديما وحديثا , و انه ما اشرف على مثل سمك أحد إلا توقد في نفسه شئ كان خامدا , فأحسن حره في أعصابة و تبدلت في عينه الدنيا غير الدنيا و الناي غير الناس فلم يعد يرى المرأة على حقيقتها إنسانا من لحم ودم له ما للإنسان من المزايا , و فيه ما فيه من العيون و لكن أملا فيه تجتمع الآمال كلها و أمنية فيها تلتقى الأماني و يلبسها من خيال غريزته ثوبا يخفي عيوبها و يستر نقائصها و يبرزها تمثالا للخير المحض و الجمال الكامل و يعمل منها ما يعمل الوثني من الحجر: ينحته بيده صنما , ثم يعبده بطوعه ربا؟ إن الصنم للوثني رب من حجر , و المرأة للعاشق وثن من خيال؟ كل هذا طبيعي معقول و لكن الذي لا يكون أبدا طبيعيا و لا معقولا أن يحس الفتى بهذا كله في سن خمس عشر أو ست عشرة سنة ثم يضطره أسلوب التعليم الى البقاء في المدرسة الى سن العشرين او خمس وعشرين فماذا يصنع في هذه السنوات وهي اشد سني العمر اضطرام شهوة , اضطراب جسد و هياجا و غليانا؟
ماذا يصنع ؟
هذه هي المشكلة , أما سنة الله و طبيعة النفس فتقول له : تزوج , و أما أوضاع إحدى ثلاث كلها شر, ولكن إياك أن تفكر في الرابعة التي هي وحدها الخير وهي الزواج... إما أن تنطوي على نفسك , على أوهام غريزتك و أحلام شهوتك , تدأب على التفكير فيها وتغذيها بالروايات الداعرة و الأفلام الفاجرة و الصور العاهرة حتى تملأ وحدها نفسك وتستأثر بسمعك و بصرك فلا ترى حينما نظرت الا صور الغيد الفواتن , ثم لا تنتهي بكل الحال الا إلى الهوس او الجنون او انهيار الأعصاب , و إما أن تعمد الى ما يسمونه اليوم العادة السرية (الاستمناء) , وقد كان يسمى قديما غير هذا , وقد تكلم في حكمه الفقهاء و قال فيه الشعراء , و لكنه إن جازو حده و كثر استعماله ركب النفس بالهم و الجسم بالسقم و جعل صاحبه الشاب كهلا محطما كئيبا مستوحشا يفر من الناس و يجبن عن لقائهم و يخاف الحياة و يهرب من تبعاتها و هذا حكم على المرء بالموت وهو في رباط الحياة .
و إما ان تغرف من حماة اللذة المحرمة و تسلك سبل الضلال و تؤم بيوت الفحش , تبذل صحتك و شبابك و مستقبلك و دينك في لذة عارضة و متعة عابرة , فإذا أنت قد خسرت الشهادة التي تسعى إليها و الوظيفة التي تحرص عليها و العلم الذي أملت فيه و لم يبق لك من قوتك و فتوتك ما تضرب به في لج العمل الحر , ول ا تحسب بعد أن ك تشبع كلا إنك كما واصلت واحدة زادك الوصال نهما كشارب الماء المالح لا يزداد شربا إلا ازداد عطشا و لو أنك عرفت آلافا منهن ثم رأيت أخرى متمنعة عليك معرضة عنك لرغبت فيها وحدها و أحسست من الألم لفقدها مثل الذي يحسه من لم يعرف امرأة قط و هل تقوى الصحة على حمل مطالب الشهوة ؟ دون ذلك و تنهار أقوى الأجساد و كم من رجلا كانوا أعاجيب في القوى و كانوا أبطالا في رفع الأثقال و الرمي , ما هي إلا أن استجابوا إلى شهواتهم و انقادوا إلى غرائزهم حتى أمسوا حطاما
إن من عجائب حكمة الله انه جعل مع الفضيلة ثوابها :الصحة و النشاط , و جعل مع الرذيلة عقابها :الانحطاط و المرض(الايدز) و لرب رجل ما جاوز الثلاثين يبدو مما جار على نفسه كابن ستين , و ابن ستين يبدو من العفاف كشاب في الثلاثين و لو ترك الرجل لغريزته و لم تكن هذه المغريات من الصور و الروايات و الأفلام و تكشف النساء و شيوع الفاحشة لما هاجت به الغريزة إلا مرة او مرتي في الشهر و الشهرين , فالبلاء كله من هذه المغريات من دعاة الشر و رسل إبليس الذين يزينون للمرأة التكشف و التبرج و الاختلاط باسم المدنية و التقدمية و النهضة النسائية و ما يعنون بالمرأة إلا كعناية الجزار بالنعجة : يطعمها و يدفع عها و يحميها و يسمنها و لكن للذبح ...!!! و الذين دأبوا على نشر صور العاريات في مجلاتهم من الممثلات ثم بنات المدارس و نساء السواحل بحجة الاصطياف .....
و هذه المغريات كلها لا تعمل عملها و لا تؤتي المر من ثمرها , ما لم يوجد ريق السوء , الذي يدلك على طريق الفاحشة و يوصلك الى بابها , أنها كالسيارة الكاملة المعدة و هذا الرفيق كالزناد و ليس للسيار مهما كانت قوتها إلا بالزناد و إذا كان هذا هو الداء , فما الدواء؟
الدواء أن نعود إلى سنة الله و طبائع الأشياء التي طبعها عليها إن الله ما حرم شيئا إلا أحل شيئا مكانه , حرم المراباة و أحل التجارة و حرم الزنا و أحل الزواج , فالدواء هو الزواج الزواج وحده طريق الإصلاح , و أنا أقترح على الجمعيات الإسلامية و النوادي الإصلاحية أن تؤسس قسما جديد يرغب الشبان في الزواج , و يدعوهم إليه , و يسهله عليهم و يدل الخاطب على الفتاة التي تصلح له و يصلح لها و يقره المال إن كان معسرا........ فإذا لم يتيسر لك الزواج , و لم ترد الفاحشة فليس إلا بخوف الله و الانغماس في العبادة و الدرس و الاشتغال بالرياضة فإنها نعم العلاج
كتبها الشيخ على الطنطاوي يرحمه الله في كتاب يا بنتي و يا ابني