موضوع: نظرة في قريتك الخميس نوفمبر 12, 2009 12:09 pm
نظرة في أهلك وخلاّنك وأصدقاءك وجيرانك.. كم من رجل كنت تؤاكله وتشاربه، وتحادثه وتجالسه، فاختطفه الموت من بين يديك؟ ! فذهب وتركك وفي القبر جلس ينتظرك. فهاهو ماكث فيها وأنت على ظهرها باق...لكنك ستدركه لا محالة. لكنني أريد منك-أخي الحبيب- نظرة المتفحص، لو اطلعت على صديقك هذا في قبره وقد سالت مقلته على عينه، وأكل التراب والدود لحم وجهه، فتفرقت عظامه، و تقطعت أوصاله،{ لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا} ( الكهف 18) . انظر كيف رمّلوا نساءهم، وأيتموا أطفالهم، وخلت منهم مساجدهم !! كانوا يصلون معنا كما نصلي، فخلت منهم مساجدهم، وفقدتهم مجالسهم. وخلت منهم بيوتهم و أنت عما قريب لاحق بهم ... ومجاورهم في قبورهم، ومشاركهم في وحدتهم، وموافقهم في وحشتهم !! قال الله تعالى:{ كل من عليها فان (26) ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام}(الرحمان 26،27). فلا تظن أيّها المغرور أن الموت يأخذ غيرك ويتركك !! قال تعالى{كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون}( العنكبوت 57). واستمع إلى ربّك تبارك وتعالى وهو يصور حالك مع الموت قائلا:{ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنّه ملاقيكم} ( الجمعة الآية الثامنة) وكان القياس أن يقول :" فإنه مدرككم" لكن فصاحة القرآن وبلاغته أتت بهذه اللفظة، لأن الله تبارك وتعالى أراد أن يصور لنا أن الموت يأتي على غير ميعاد، فصورك في فرارك من الموت برجل يهرب من الموت، وهو يظن أنه قد فلت، فإذا بالموت يقابله في وجهه {فإنه ملاقيكم} لا مفر من الموت ولا محيص. وبرغم إيماننا بالموت وسكرته، والقبر ووحشته، والدنيا وفنائها، والآخرة وبقائها، إلا أننا نركن إلى الدنيا ونطمئن إليها: مالي رأيتك تطمئن إلى الحياة وتركن يا ساكن الشرفات ما لك غير قبرك مسكن فاليوم أنت مكاثر ومفاخر تتزيّن و غدا تصير إلى الترا ب محنّط ومكفن أحدث لربك توبة فسبيلها لك ممكن واصرف هواك لخوفه مما تسر وتعلن فكأن شخصك لم يكن في الناس ساعة تدفن و كأن أهلك قد بكوا جزعا عليك و رننوا فإذا مضى لك جمعة فكأنهم لم يحزنوا والناس في غفلاتهم ورحى المنية تطحن
[b]منقول عن سلسلة المحاضرات العامة 3 : كلمات على فراش الموت لوحيد عبد السلاl بالى (دار الإمام مالك للنشر)[/b]