هل ارتبطت القراءة بالجنون لدى البعض؟!
في الصغر يخاف الناس من أبنائهم الذين يجدون أن الكتاب خير جليس، فيبقون ساعات في غرفة المكتبة يلتهمون الكتب، ويعتبرون هذا التصرف له دلالة نفسية غير محببة، وكذلك الأهل الذين يرون أن في جلوس ابنهم في البيت الساعات الطوال لمجرد القراءة والمطالعة إنما يعبر عن أزمة ذاتية. ربما فسرت العائلة سبب القراءة بأن الابن لا يمتلك الكثير من الأصدقاء لهذا تحاول العائلة تعريف الابن على أكثر من صديق ليتخلص من صداقة الكتب!
قبل أيام تلقيت رسالة من قارئ شجع ابنه على القراءة، لكنه وجد الناس يقفون من الصغير موقفاً سلبياً لأنه تعلق بالكتاب أكثر من الكرة وألعاب الكمبيوتر والبلاي ستيشن!
وقبل أعوام أتذكر أن صديقاً صحفياً وصف والده بالمريض النفسي، وعندما حاولت استكشاف السبب، أجاب ببرود: لأنه يقرأ كثيراً! أعرف أن المؤسف أن يصدر هذا الحكم التافه وغير المنطقي ممن يمتهن الحرف ويناغم الكلمة، لكنه الواقع، وإن كان مؤلماً!
دعك من ذلك، لكن تخيل أن تأتي إلى مكتبة عامة من المكتبات المنتشرة في بعض المدن وتستعير الكتاب، تلو الكتاب... الغالب أن أمين المكتبة سيعتبرك من العاطلين الذين لا عمل لهم وبالتالي يأتون للمكتبة لتوسيع صدروهم من البطالة التي يعانون منها!
بعض الآباء يحذرون أبناءهم من الإكثار من القراءة التي يرون أنها ربما تؤثر على "المخ" وتؤدي به إلى عالم الجنون.
لكن... تأمل معي خبر امرأة غرب اسكتلندا تناقل العالم نبأها قبل أيام فقد أتمّت استعارة كتابها رقم 25 ألف من إحدى المكتبات المحلية، وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن لويز براون البالغة من العمر 91 سنة استعارت أول كتاب من مكتبة "كاسل دوغلاس" في عام 1946 وصارت منذ ذلك الحين تأخذ كل أسبوع ما لا يقل عن ستة كتب لقراءتها، وزاد مستوى قراءتها في الأيام الماضية ليصل إلى سبعة كتب أسبوعياً!
قال أبو عبد الله غفر الله له: ونحن لا نعاني من قلة في المكتبات ومعارض الكتب ولا من الشراء الاستهلاكي للكتاب، وإنما نعاني من قلة القراء الذين يعتبرون القراءة ضمن جدولهم اليومي حيث يقرأون في المقهى أو صالات الانتظار، فالذين يقرأون، ليسوا مرضى، وإنما وجدوا عالم الكتب، وخلاصات التجارب، أكثر إغراءً في كثير من الأحيان من أحاديث القيل والقال، وقلة الوفاء عند البعض، وحدة طباع البعض الآخر، فهل نلومهم؟