موضوع: صفات الشباب المستقيم الثلاثاء نوفمبر 17, 2009 4:30 pm
االشباب المستقيم فهو: شباب مؤمن بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني، فهو مؤمن بدينه إيمان محب له، ومقتنع به، ومغتبط به، يرى الظفر به غنيمة والحرمان منه خسرانا مبينا. شباب يعبد الله مخلصا له الدين وحده لا شريك له. شباب يتبع رسوله محمدًاصلى الله عليه وسلم في قوله وعمله، فعلاً وتركا، لأنه يؤمن بأنه رسول الله، وأنه الإمام المتبوع. شباب يقيم الصلاة على الوجه الأكمل بقدر ما يستطيع، لأنه يؤمن بما في الصلاة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية الفردية والاجتماعية، وما يترتب على إضاعتها من عواقب وخيمة للأفراد والشعوب. شباب يؤتي الزكاة إلى مستحقيها كاملة من غير نقص، لأنه يؤمن بما فيها من سد جاجة الإسلام والمسلمين، مما اقتضى أن تكون به أحد أركان الإسلام الخمسة. شباب يصوم شهر رمضان، فيمتنع عن شهواته ولذاته، إن صيفا وإن شتاءً، لأنه يؤمن بأن ذلك في مرضاة الله، فيقدم ما يرضاه ربه على ما تهواه نفسه. شباب يؤدي فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، لأنه يحب الله فيحب بيته والوصول إلى أماكن رحمته ومغفرته، ومشاركة إخوانه المسلمين القادمين إلى تلك الأماكن. شباب يؤمن بالله خالقه وخالق السموات والأرض، لأنه يرى من آيات الله سبحانه ما لا يدع مجالاً للشك والتردد في وجود الله، فيرى في هذا الكون الواسع البديع في شكله ونظامه ما يدل دلالة قاطعة على وجود مبدعه، وعلى كمال قدرته، وبالغ حكمته؛ لأن هذا الكون لا يمكن أن يوجد نفسه بنفسه، ولا يمكن أن يوجد مصادفة، لأنه قبل الوجود معدوم، والمعدوم لا يكون موجدًا لأنه هو غير موجود. ولا يمكن أن يوجد مصادفة لأنه ذو نظام بديع متناسق، لا يتغير ولا يختلف عن السُّنة التي قُدِّرَ له أن يسير عليها: { فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً } { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ }. وإذا كان هذا الكون على نظام بديع متناسق امتنع أن يكون وجوده مصادفة؛ لأن الموجود مصادفة سيكون انتظامه مصادفة أيضا ، فيكون قابلاً للتغيّر والاضطراب في أي لحظة. شباب يؤمن بملائكة الله، لأن الله أخبر عنهم في كتابه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عنهم في السنة، وفي الكتاب والسنة من أوصافهم وعباداتهم وأعمالهم التي يقومون بها لمصلحة الخلق ما يدل دلالة قاطعة على وجودهم حقيقة. شباب يؤمن بكتب الله التي أنزلها على رسله، هداية إلى الصراط المستقيم؛ لأن العقل البشري لا يمكنه إدراك التفاصيل في مصالح العبادات والمعاملات. شباب يؤمن بأنبياء الله ورسله الذين بعثهم الله إلى الخلق، يدعونهم إلى الخير، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأول الرسل نوح، وآخرهم محمد، عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام. شباب يؤمن باليوم الآخر الذي يبعث الناس فيه أحياء بعد الموت ليجازوا بأعمالهم، { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } لأن ذلك نتيجة الدنيا كلها، فما فائدة الحياة وما حكمتها إذا لم يكن للخلق يوم يُجازى فيه المحسن بإحسانه والمسىء بإساءته. شباب يؤمن بالقدر خيره وشره، فيؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره، مع إيمانه بالأسباب وآثارها، وأن السعادة لها أسباب والشقاء له أسباب. شباب يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم، فيعامل المسلمين بالصراحة والبيان كما يحب أن يعاملوه بهما، فلا خداع ولا غش، ولا التواء ولا كتمان. شباب يدعو إلى الله على بصيرة حسب الخطة التي بينها الله في كتابه: { أُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }. شباب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ لأنه يؤمن أن في ذلك سعادة الشعوب والأمة: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } شباب يسعى في تغيير المنكر على النحو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه". شباب يقول الصدق ويقبل الصدق؛ لأن الصدق يهدي إلي البر، والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. شباب يحب الخير لعامة المسلمين؛ لأنه يؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". شباب يشعر بالمسؤولية أمام الله وأمام أمته ووطنه، فيسعى دائما لما فيه مصلحة الدين والأمة والوطن، بعيدًا عن الأنانية، ومراعاة مصلحته الخاصة على حساب مصلحة الآخرين. شباب يجاهد لله وبالله وفي الله، يجاهد بالإخلاص له، لا رياء ولا سمعة، ويجاهد بالله مستعينا به، غير معجب بنفسه، ولا معتمد على حوله وقوته، ويجاهد في الله في إطار دينه، من غير غلو ولا تقصير، يجاهد بلسانه ويده وماله حسبما تتطلبه حاجة الإسلام والمسلمين. شباب ذو خلق ودين، فهو مهذب الأخلاق، مستقيم الدين، لين الجانب، رحب الصدر، كريم النفس، طيب القلب، صبور متحمل، لكنه حازم لا يضيع الفرصة، ولا يُغَلِّب العاطفة على جانب العقل والإصلاح. شباب متّزن منظّم، يعمل بحكمة وصمت، مع إتقان في العمل وجودة، لا يضيع فرصة من عمره إلا شغلها بما هو نافع له ولأمته. ومع أن هذا الشباب محافظ على دينه وأخلاقه وسلوكه، فهو كذلك بعيد كل البعد عما يناقض ذلك من الكفر والإلحاد، والفسوق والعصيان، والاخلاق السافلة، والمعاملة السيئة. فهذا القسم من الشباب مفخرة الأمة، ورمز حياتها وسعادتها ودينها، وهو الشباب الذي نرجو الله من فضله أن يصلح به ما فسد من أحوال المسلمين، وينير به الطريق للسالكين، وهو الشباب الذي ينال سعادة الدنيا والآخرة. منقول عن كتاب :من مشكلات الشباب تأليف: محمد بن صالح العثيمين