مر علينا في حياتنا اليومية كثير من ساعات الانتظار التي تذهب من حياتنا سدى.. في المطار نقضي الساعات الطوال في انتظار رحلاتنا و في الطائرة نفسها يمر الوقت دون أن نستفيد منه.. عندما نذهب إلى الحلاق ننتظر لساعة حتى يأتي دورنا دون الاكتراث لقيمة هذا الوقت
في المستشفيات ننتظر لساعات دون أن نستفيد من هذا الوقت .. أعمارنا نهدرها بأيدنا ولا نكترث لها.. نحزن على ضياع 100 ريال ولا نحزن على ضياع ساعة من أعمارنا بلا طائل
ذهبت بالأمس لأحد المستشفيات مغلوبا على أمري فأنا أرى أن الداخل إلى المستشفى مفقود والخارج مولود .. كما أنه لا يمكن لأحد أن يضمن لك إذا دخلت المستشفى سليما معافى أن تخرج كما أنت.. فضلا عن أنك إذا دخلت بمرض صغير ألا تخرج بمرض خطير أو إلى ثلاجة الموتى
على أي حال .. جلست في صالة الانتظار و أخرجت كتابي و بدأت أقرأ و كان يجلس إلى أمامي أب وطفله ذي الاثني عشر سنة .. كان الطفل يحملق بي باستغراب عجيب
تجاهلت الطفل وتابعت القراءة … جذب الطفل والده من كمه وقال له : بابا .. هذا مجنون ؟!! .. في حد يذاكر بعد ما يرجع من المدرسة
فرد الأب باقتضاب: اسأل السستر كم باقي لنا
تابعت القراءة وأنا مستمتع جدا بالكتاب الذي أقرأه و لكن ذلك الطفل بدا لي وكأنه سيحرمني من متعتي فهاهو مرة أخر يجذب والده ويناجيه بصوت مسموع سمعه كل من كان في صالة الانتظار : بابا .. المجانين يعرفوا يقروا.. والا بس يطالعوا في الصور؟
تململ الأب ولم يجب ولده ولم يشعر بالحرج من تفوه ولده بمثل هذه الكلمات علي… تظاهرت بأني لم أسمع شيئا وتابعت القراءة
وبعد دقائق جاء دوري فتوجهت إلى العيادة وتبعني ذلك الطفل الشقي ورآني وأنا أدخل إلى عيادة الأسنان ..فقال لي : أنت بس أسنانك توجعك؟ ما فيك شي ثاني
أصبت بإحباط كبير عندما سمعت هذه العبارة
وتألمت كثيرا ليس من نظرة الطفل السلبية للقراءة فقط بل من الأب الذي تسبب في تكوين هذه الصورة السلبية ولم يصحح لولده هذه النظرة .. كما تألمت من المرضى المراجعين الذين كانوا ينظرون لي باستغراب وكأني مخلوق فضائي فقط لأني أمسك بكتاب
أمة لا تقرأ وترى أن القراءة مرض ليس من العجيب أن تبقى في المؤخرة
لا أدري إن كان هناك حل سحري يحبب الناس بالقراءة أتمنى أن يساعدني الأخوة القراء باقتراح وسائل لنشر ثقافة القراءة في مجتمعاتنا, كما لا تبخلوا علينا بتجاربكم الإيجابية والسلبية مع القراءة
منقول من مدونة عجائب إجتماعية