"كل عام و أنتم بخير"..
كان الصوت من حجاج الجزائر يدوي في مخيم حجاج مصر أثناء زيارة أخوية
للمشاركة في تخفيف تشاحن طرأ بين البلدين أخيراً، وكان الجواب من حجاج مصر
بتهنئة مماثلة وبشاشة تؤكد أن العرب والمسلمين أخوة تحت سماء المشاعر.
ويقول حاج مصري لـ"العربية" إن تلك المباراة وما جرّته من فتن لم تضيع
الأخوة بين الشعبين لأن الأسلام يشجع ويؤكد أن المؤمنون أخوة، على حد
قوله، ويذكر حاج جزائري يقف بجانبه أن الإعلام في البلدين هو المسؤول عن
الشحن الجماهيري، سائلاً الله الهداية للجميع.
ويؤكد
ضيوف الرحمن من كلا الأرضين على أن ثمة اختلافاً كبيراً بين وجوه الصحف
وبياض أوراقها، وبين وجوه حجاج مصر والجزائر وبياض ملابسهم ونواياهم، فحبر
الاوراق لا يشبه إطلاقاً بياض القلوب، وأن سفراء البلدين الى المشاعر
المقدسة اتفقوا على أن العقيدة والعرق أهم بكثير من كأس العالم.
وفي هذا الصدد يتحدث حاج جزائري عن التضحيات المتبادلة بين الشعبين قائلاً
لـ"العربية": أنا شاركت في حرب أكتوبر عام 1973 وكثير من الدماء الجزائرية
سالت على الأرض المصرية في تلك الحرب، وأخوتنا المصريون دعموا ثورتنا ضد
الاستعمار الفرنسي، فكيف لهذه الفتن أن تنسينا أواصر المحبة أو تلغي روابط
الأخوة والإسلام والعروبة بين الشعبين في أرض الكنانة وبلاد الشهداء.
وتستقبل السماء دعاء أبناء مصر والجزائر بتساوٍ يشبه تماماً تساوي حصصهم
على أرض المشاعر المقدسة وعناية الحكومة السعودية بهم، بينما بات كل حاج
مشغولاً بهمومه الذاتية ودعواته ناسياً واقعة السودان كما تسميها الصحافة
إصطلاحاً.
ويشدّد حاج مصري على أن ما حدث في مباراة أم درمان بين منتخبي مصر
والجزائر هو مجرد خلافات رياضية لا ينبغي لها أن ترتقي إلى خلافات
دبلوماسية أو خلافات بين الشعبين.
وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت أقوال بعض الحجاج عن المباراة خلال وجودهم
بالأراضي المقدسة ونقلت انطباعاتهم عما حدث بين القطرين الشقيقين بعد
المباراة وتداعيات الأزمة. وقال خالد صلاح عبدالله، أحد الحجاج من
القاهرة: "نحن أخوة ويجب ألا يحدث هذا على الاطلاق، كما أنني أنتقد
الإعلام في كلا البلدين لإثارة المشاعر البغيضة للسفهاء منا".
وفي غضون ذلك اتفق محمد بلحاج أحد الحجاج الجزائريين، حيث قال "نحن أكثر
من أخوة، فالمجرمون الحقيقيون هم المسؤولون العرب فهم يلعبون بنا كأنهم
يلعبون بالكرة"، كما قال أحد الحجاج الجزائريين الآخرين ويدعى عبدالوهاب
أليوشا: "المصريون هم من ساعدونا على قيام الثورة الجزائرية، ولا أعتقد أن
هذا النزاع سيُفسد العلاقات الثنائية بين البلدين".
وهكذا فإن صلة الرحم، ووحدة العقيدة والدم أزاحتا موقعة السودان وكرة
القدم الى مرتبة متأخرة كثيراً بعد حديث المناسك وصوت الدعاء بأن يحمي
الله البلاد والعباد