موضوع: أسس تنمية القراءة المثمرة لديكِ السبت ديسمبر 26, 2009 8:40 pm
سم الله الرحمن الرحيم
أسس تنمية القراءة المثمرة لديكِ
إن التمتع بالقراءة شرط أساسي للاستفادة منها. لا ترغم نفسك على قراءة ما لا تحب، فتفسد على نفسك لذة القراءة. خذ من الكتاب ما شئت، إنك تريد أن تقرأ ما يفيدك، فربما كنت ترغب أن تقرأ كتاباً بأكمله بإمعان، أو كنت تريد أن تأخذ عنه فكرة سريعة دون أن تهتم بالتفاصيل، أو كنت تريد أن تقرأ منه فصلاً معيناً أو فقرة تتعلق بموضوع معين، أو أن تبحث في ثناياه عن موضوع معين .. التجربة هيا لتي تعلمك كيف تصل من الكتاب إلى ما تريد. هذه قصة تقرؤها لمجرد التسلية، فأنت تقرؤها بسرعة، وقد تقفز فوق بعض فقراتها، وهذه قصة أخرى بقلم كاتب ممتاز، تعرف عمقه في طرح أفكاره ورسم شخصياته، فأنت تقرؤها بإمعان وانتباه، وربما أغرتك حوادثها المشوقة بالقفز لتعرف ماذا حدث بعد، لكنك ستضطر للعودة إلى ما قفزت عنه. وهذه سيرة عالم في الكيمياء، يهمك منها حياته ولا تهمك كيمياؤه، إذ ليست الكيمياء مجال تخصصك، فاقرأ ما يهمك، ودع ما لا يهمك لآخرين يهتمون به. وهكذا فاختلاف الغرض من القراءة، واختلاف أمزجة القراء، يؤثران فيما تقرأ وما تدع، وكيف تقرأ. إذا قرأت عدة صفحات من كتاب، فوجدت أنك لا تميل إليه، فلا ترغم نفسك على الاستمرار في قراءته، ودعه فربما تعود إليه في وقت آخر، فإذا بك تجد فيه ما لم تجد أول مرة. وقد تقرأ في كتاب فلا تفهمه، فماذا تصنع؟ استمر في القراءة فإن شعرت أنك مستمر في عدم الفهم، فالأرجح أنك اخترت كتاباً أعلى من مستوى معارفك، فابحث عن كتاب آخر في الموضوع نفسه، تستسيغه، فإذا فرغت من قراءته، فعد إلى كتابك الأول، فستجد أن مشاكله قد حلت، وظلمته قد استنارت، فالشمعتان تضيئان أكثر مما تضيء الشمعة الواحدة. ولا تقلق إذا استغلق عليك فهم بعض الأمور، فقد لا تكون أنت المخطئ، وكم من المؤلفين لا يعرفون كيف يكتبون بوضوح، فالجزالة والوضوح موهبة، وملكة يفتقدها كثير من المؤلفين، مع أنها بمثابة جواز المرور إلى نفوس القراء. حاول أن تكتشف الهيكل الأساسي للفصل الذي تقرؤه، والفروع التي تنبثق عنه، وفي كل فقرة ستجد كلاماً هاماً آخر هامشياً، فخذ ما تراه هاماً، ودوِّنه في ملخص، فسوف تظهر لك فكرة المؤلف بكل خطواتها الأساسية والفرعية في غاية الوضوح. ومعظم الأعمال المعجمية والموسوعية تعتمد طريقة طبع سطر في رأس الصفحة يشير إلى الموضوع أو الكلمة بحرفها المعجمي الذي تبحثه في الصفحات، مما يسهل عليك الوصول إلى غرضك مباشرة وفي أقصر وقت. ومقدمة الكتاب غالباً ما تتضمن خطة البحث التي اعتمدها المؤلف، وهدفه ومنهجه، وقراءتها في البداية تضيء لك الطريق، فتمضي في قراءتك للكتاب على بيِّنة. كل ذلك وسائل وطرائق تهدف إلى تسريع عملية القراءة للحصول على أكبر كمية من المعلومات في أقصر زمن ممكن. وكل هذه الأساليب والطرائق والجهود المبذولة لتيسير القراءة، من أجلك وفي خدمتك .. المهم أن تُقبِلَ على عالم القراءة الفسيح، وأنا واثق من أنه سينفتح أمامك بكل رحابته، وأنك واجد فيه متعتك وأنسك، بل ذاتَك .. ليس لدينا وصفة طبية تحول عزوفك عن القراءة إلى شغف بها، وإعراضك عنها إلى إقبال عليها .. فلابد للخطوة الأولى من إرادةٍ واستعداد، أما الاستعداد فهو موجود لدى كل إنسان بدافع من غريزة حب الاطلاع والمعرفة، وأما الإرادة فهذا شأنك.
من سمات القارئ الناضج ما يلي:
1 ـ حماسة أصيلة صادقة للقراءة. 2 ـ الميل إلى قراءة: أ) مواد مختلفة شتى تجلب السرور، وتوسع الآفاق، وتثير التفكير المبتكر الخلاّق. ب) مواد لها طابع الجدية تنمي لدى القارئ فهم نفسه وفهم الآخرين، ومعرفة المشكلات ذات الطابع الاجتماعي والأدبي والأخلاقي. ج) قراءة عميقة في مجال معين أو مواد تدور حول محور مركزي واحد. 3 ـ القدرة على ترجمة الكلمات إلى معانٍ حتى يتمكن القارئ من استيعاب الأفكار المعروضة وفهمها فهماً واضحاً، وحتى يكون لديه إحساس واضح بالمشاعر التي يتضمنها الكلام المقروء. 4 ـ تنمية القدرة التي تنشأ عن اعتياد الإنسان أن يستخدم كل ما يعلمه أو يمكن أن يكشف عنه في تفسير معاني الأفكار أو تأويلها. 5 ـ القدرة على أن يدرك القارئ مواطن القوة ومواطن الضعف في ما يقرأ، وأن يكشف عما يكون فيها من الميل والهوى والدعاية، وأن يفكر الناقد في سريان الفكرة المعروضة وقيمتها، وفي ما التزم به المؤلف من حيث ملاءمة المعروض وسلامته ومن حيث آراء المؤلف وما انتهى إليه من نتائج. 6 ـ الميل إلى دمج الأفكار الجديدة التي اكتسبها القارئ من قراءته مع تجاربه السابقة وبذلك يكتشف الجديد الأوضح في الفهم والسلوك، ويوسع ميوله واتجاهاته العقلية، ويحسن أنماط التفكير والسلوك التي درج عليها، كما يكتسب شخصية أكثر غنى في الفكر وأكثر ثباتاً في الرأي. 7 ـ القدرة على أن يتحكم القارئ في السرعة التي يقرأ بها بحسب حاجات الظروف التي يقرأ فيها، أو متطلبات التفسير الملائم.