المشاكل.. فرص للتقدّم
* باري ايغن
لماذا يراوح بعض الرجال والنساء المثابرين العاملين بجد في أماكنهم، ولا يتطورون في مجال عملهم؟ ولماذا يبدو نجاح بعض الموظفين في أعين مدرائهم كبيراً، بينما لا يرون لموظفين آخرين من نجاح أو توفيق. فيما يلي رؤية «باري ايغن» في هذا المضمار، وهي في الحقيقة إجابة على السؤال المطروح:
يقول ايغن: بصفتي مديراً لمعمل على مدى عشر سنوات، لاحظت أن الموظفين الناجحين لهم رؤاهم وسلوكياتهم المتشابهة. وبعد مقارنة مذكراتي بمذكرات مدراء شركات أخرى، توصلت تحقيقاً إلى أن توقعاتهم من موظفيهم قريبة من توقعاتي أنا من الموظفين العاملين معي.
لقد حاولت انتهاج سياسة «الأبواب المفتوحة» في شركتي. الجميع كان بوسعهم المجيء إلى مكتبي والتحدث معي، إلاّ حينما أكون في اجتماع. وما وقع لموظفة اسمها ريتا يؤيد هذا الكلام.
ذات يوم جاءت ريتا إلى مكتبي مضطربة وجلست على الكرسي أمامي. كانت تعمل في قسم «تقديم الخدمات للزبائن»، وقد اتصل بها منذ أيام العديد من الزبائن يشتكون من سوء تقديم الخدمات لهم، ووصول بضائع بالخطأ إليهم، وقد سببت لها هذه المسألة قلقاً كبيراً. فجاءت إلى مكتبي متذمرة وطلبت مني فعل شيء لحل المشكلة، وإلاّ فإنها قد تترك العمل. فقلت لها: «ستصلح الأمور يا ريتا، سوف أدرس المشكلة». فشكرتني وخرجت من الغرفة.
ومع إن كلامي أعاد لريتا بعض هدوئها، بيد أن لسان حالها كان يقول: «أنا ما أزال طفلة عديمة التجربة. أنا لا أريد أن أكون شخصاً يلقون على عاتقه المهام الكبيرة، أريد فقط أن أحضر إلى العمل فتسير الأمور كلها على نسق مألوف وبلا أية مشاكل أو عقبات».
الموظفون الذين يفضلون الأعمال الصغيرة القليلة الأهمية، كثيراً ما يُعلمون مدراءهم برغبتهم هذه، أي إنهم غير مستعدين لتقبل مسؤوليات أكبر. تصوروا أن ريتا كانت تقول: «أتسلم رسائل من الزبائن يقولون فيها أن بضائع أشخاص آخرين تصلهم بالخطأ، أتصور أن علينا فعل شيء لمعالجة هذا الأمر».
ولو أن ريتا كانت قد جاءتني بحل مقترح بدل الاكتفاء بعرض المشكلة، لكانت يقيناً قد رشحت نفسها لمراتب إدارية أرفع. فلكل انسان مشكلاته التي تواجهه، والمهم هو ما يقوم به لمعالجة هذه المشكلات. والذي أوصي به هو: «ابدأوا التفتيش عن المشكلات من الآن» وينبغي تبديل المثل القائل «لا تعمروه ما لم ينكسر» إلى المثل «عمروه قبل أن ينكسر». فالمشكلات في الواقع فرص تتيح لكم تفجير مواهبكم وطاقاتكم، والمساهمة في تطوير العمل بشكل فعال. والحقيقة أن الكثير من التطور يأتي على يد موظفين أذكياء موهوبين يجدون ويبدعون خارج نطاق واجباتهم المرسومة. لا شيء أرضى للمدراء من موظفين يدرسون المشاكل ويكابدونها ويبتكرون لها حلولاً غير مسبوقة.