إن ذات الإنسان هي نسيج من خيوط الخبرات التي عاشها والبيئة التي وجد فيها وعدة عوامل أخرى , ومنذ نعومة أظفاره تنبع لديه رغبة جامحة في تقييم ذاته والميل إلى تحقيق الذات المثالية التي يحلم بها .
وغالبا ما يسعى الإنسان إلى تحقيق ذات واقعية تتواءم مع إمكانياته وخبراته ودرجة تكيفه مع بيئته .
ولقد أبدع " أبراهام ماسلو" - عالم النفس الأمريكي – في إيجاد نظريته المشهورة والتي تكشف حاجات الإنسان , فقد بين أن الإنسان يولد وهو محفز لتحقيق احتياجات أساسية , وقد رتبها بشكل هرمي حيث بدء بالحاجات الفسيولوجية كالغذاء ، مرورا باحتياجات الأمن والسلامة ثم احتياجات الانتماء والتقبل من المجموعة، وصولاً إلى احتياجات الاعتبار واحترام الذات في قمة الهرم. وبعد تحقيق كل هذه الحاجات يجاهد الإنسان للوصول لدرجة تحقيق ذاته وبذلك يصل إلى أسمى مراحل الاكتفاء الذاتي والسلام مع النفس.
ويذهب ماسلو إلى وصف هؤلاء الذين حققوا ذواتهم بأنهم واقعيون، ومتقبلون لأنفسهم وللآخرين ، ومركزون على أهدافهم وعلى حل مشاكلهم، ومستقلون , وسعداء ويتمتعون بروح الخلق والإبداع والتطوير.
إن تحقيق الذات والشعور بأهمية الوجود نزعة إنسانية , فكل إنسان يود أن يكون شيئا بين الناس ويود أن يكون له وزنه وقيمته .
لذا فإننا نجد من يسعى لتحقيق ذاته من خلال سفاسف الأمور , فالمراهق – مثلا – قد يجنح للتدخين أملا منه أن يكون له اعتبار في محيطه , وآخر يفحط بسيارته لينال إعجاب من حوله ويحقق ذاته .
ومنهم من يأتي بأفكار تصادم التوجهات والأفكار الدينية والاجتماعية للمجتمع مطبقا لقانون : " خالف تعرف " .
والحقيقة أن من يعتقد أنه سوف يرتقي بنفسه إلى تلك المرحلة الشعورية من خلال مثل هذه السلوكيات فسوف يبقى يدور في بؤر الوهم .
لكن عندما تعيش لقضية عظيمة راقية فإن حياتك سوف يصبح لها معنى , وسوف تشعر بأن الجميع محتاج للاستفادة من مشروع حياتك , وان تراكم إنجازاتك سوف ينعكس على هناء ذاتك وسعادتها .