في عام 1884م كان هنالك تاجرا يدعى لويس واترمان , وقد تمكن ذات يوم - و بصعوبة - من
الحصول على صفقة بعد منافسة شديدة مع مجموعة من رجال الأعمال , وعندما قدم لعميله الريشة
وزجاجة الحبر لتوقيع العقد فإذا بالحبر ينساب على الورق ويفسد العقد , فهرع مسرعا لإيجاد ورقة
لعقد آخر فبينما هو عائد إذا بتاجر آخر يوقع العقد مع ذلك العميل , فاشتد به الغضب واغتم وابتأس
لذك , لكن ذلك الشعور لم يدم طويلا , فلقد أخذ يفكر في تعويض ما فقد , فتوصل إلى اختراع لقلم مزود
بأنبوبة حبر داخلية , وبعد عدة تجارب نجحت الفكرة وانتشرت هذه الأقلام .
إن واترمان لم يكن ليصنع من النكسة نهضة إلا عندما كان يعتني بقوة تدعيمه لذاته واصطباره على
مصيبته , وقد كان مثالا لمن يحفر أرض اليأس ليخرج منها نبع النجاح .
إننا عندما نعبئ ذواتنا بخطوط الأمل فإن ذلك سيجعلنا أكثر مرونة عند التعرض للسقطات , فحين تعلق
فعالنا في شباك الفشل فنحن أولا بحاجة إلى المداواة العاطفية لمشاعرنا , وذلك بأن نسمح لها التعبير
كما تشاء بحيث لا تطغى في ذلك , ثم نعود لنتفحص طبيعة الأمر ونناقشه مع الآخرين , بعدها لابد من
أن نعفو عن أنفسنا ونسامح زلتها ونفسح لها الطريق للتتابع المسير حتى لا تنغمس في وحل اليأس
فتنطفئ شموع الأمل .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :" إذا تغلب اليأس على الإنسان اسودت الدنيا في وجهه , وأظلمت في
عينه , وأغلقت أمامه الأبواب , وتقطعت دونه الأسباب , وضاقت عليه الأرض بما رحبت ,
وأصبح لا يدري وإن كان داريا ....
أقدامه خير له أم وراءه ....
ذلك هو اليأس , سم بطيء لروح الإنسان , وإعصار مدمر لنشاطه , وتلك حالة اليائسين أبد الدهر : لا
إنتاج للحياة , وإحساس بمعنى الحياة " .
ويقول جراهم بل :" عندما يغلق باب ينفتح آخر , لكننا غالبا ننظر طويلا وبحسرة إلى الباب المغلق حتى
لا نرى الأبواب التي تفتح لنا " .