عندما نخطط لتحقيق هدف معين – ففي الغالب – أننا سنجد غيرنا قد أنجز مثله أو ما يشابهه , و
بمقدار ما ننهل من خبرات الآخرين فإن ذلك يعتبر تجميعا للنقاط , فبكل استشارة نحصد نقطة ,
وتوصيلنا للخطوط بين تلك النقاط يعني جهدنا ومثابرتنا , والشكل الناتج هو تصميم هندسي لهدفنا .
هنالك على طرق النجاح نجد لوحات رسمت عليها رموزا قد لا تكون مفهومة لدى المبتدئين بالعمل ,
لكن من قبلنا قد استطاع قراءتها , وإن مكوثنا الطويل أمامها دون رجوع إليهم يفقدنا قدرا كبيرا من
الطاقة الذاتية و يفتت أوقاتنا بل ويجعلنا نخطئ أكثر مما نصيب .
يقول الشيخ الدكتور ناصر العمر : " إن بعض الناس يعمل العمل وحده، فإذا جاءت النتيجة على غير
ما توقع، ووقع في مشكلة لا يدري أين المخرج منها، جاء باحثا عن الحل مدعيا الاستشارة، وهو في
الحقيقة -كما قال أحد مشايخنا- يستنجد لا يستشير، لأن الاستشارة يجب أن تكون قبل الفعل لا بعده " .
عقل الفتى ليس يغني عن مشاورة
كحـدة السيف لا تغني عن البطل
وقد روى ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : " ما من نبي إلا
وله وزيران من أهل السماء ، ووزيران من أهل الأرض ، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل
وميكائيل ، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر " , وقد كان بعض الحكماء يقول : " ما
استُنبط الصواب بمثل المشاورة " , و قال ابن الجوزي – رحمه الله - : " ومن فوائد المشـاورة أنه قد
يعزم على أمر، فيبين له الصواب في قول غيره ", كما أن علي - رضي الله عنه – يقول : " الاستشارة
عين الهداية ، وقد خاطر من استغنى برأيه ". وقد روى البيهقي أن عمرا – رضي الله عنه – كان
يستشير حتى الفتيان .
إننا حين نمعن النظر في سير العظماء نلحظ مدى اهتمامكم بتتبع خبرة من سبقهم , إيمانا منهم أن ذلك
يعد منبعا رئيسا لري شجرة النجاح في الحياة .