أورد العلامة مصطفى المنصوري في تفسيره لهذه الآية قوله : " المراد باللسان : الثناء العطر والذكر
الحسن , وضع اللسان موضع القول لأن القول يكون به , أي جاها , وحسن صيت في الدنيا , بحيث
يبقى أثره إلى يوم الدين , وقد أجابه تعالى , ولذا لا ترى أمة من الأمم إلا وهي محبة له السلام " .
ويقول أيضا ابن كثير في تفسيره : " أي : واجعل لي ذكرا جميلا بعدي , أذكر به ويقتدى بي في
الخير " . فأجابه – سبحانه وتعالى – في قوله ( وتركنا عليه في الآخرين * سلام على ابراهيم )
والمرد بالسلام هنا : أي الثناء الجميل . وفي سياق مدح الأنبياء : ابراهيم واسحاق ويعقوب يقول
تعالى : (وجعلنا لهم لسان صدق علياَّ ). وفي آية أخرى يقول سبحانه : (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما
قدموا وآثارهم ).
ويقول الشيخ الدكتور عايض القرني :" من سعادة المسلم أن يكون له عمر ثان , وهو الذكر الحسن ,
وعجبا لمن وجد الذكر الحسن رخيصا , ولم يشتريه بماله وجاهه وسعيه وعمله " ثم يقول :" و عجبت
لأناس خلدوا ثناء حسنا في العالم بحسن صنيعهم وبكرمهم وبذلهم , حتى أن عمر سأل هرم بن سنان :
ماذا أعطاكم زهير , وماذا أعطيتموه ؟ قالوا : مدحنا , وأعطيناه مالاً . قال عمر : ذهب والله ما
أعطيتموه وبقي ما أعطاكم . يعني الثناء بقي لهم أبد الدهر".
و يقول الدكتور علي الحمادي :" ما من انسان إلا يعيش عمره الذي قدره الله عز وجل ثم ينقضي
أجله , ولكن من الناس من يموت ويطوى ذكره وكأنه شيء لم يكن , رغم أنه ربما كان يملك المال أو
الشهادات أو الوجاهة أو القوة أوالسلطان أو غير ذلك , ولكن لم يبق له أثر يذكر , فقد يطمس ذكره
إلى الأبد , وفي الجانب الآخر من الناس من ينقضيأجله ويبلى جسده ولكن يُخلد ذكره ويبقى أثره بين
الناس ماثلا حيا تتوارثه الأجيال وتتفاخر به الأمم " إنه الأثر الذي قال عنه ابن القيم :" قد صار أشلاء
ممزقة وأوصالاً متفرقة وصحف حسناته متزايدة يملأ في الحسنات كل وقت وأعمال الخير مهداة
إليه " .