موضوع: اسأل مجرب ولا تسأل خبير..! السبت يناير 02, 2010 7:43 pm
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن ولاه، وبعد..
أن تتعلم العلم شيء وأن تطبقه شيء آخر.. يا ترى هل هذه مقولة صحيحة؟! هل ما نتعلمه وندرسه من نظريات وعلوم قد لا يكون صالحاً للتطبيق، معظمه أو كله..! وما فائدة تلك العلوم والنظريات التي نقضي وقتنا في دراستها إن لم تكن صالحة للتطبيق؟! ولنرجع إلى المثل الشعبي الذي يقول: اسأل مجرباً ولا تسأل خبيراً..!
هل هذا صحيح؟! هل الخبرة العملية بواقع الحياة تفوق الدراسة والعلم والنظريات..! وهل حملة الشهادات هم جهلة في عالم الأعمال، العالم الحقيقي للتجارة والصناعة والإدارة وغيرها..؟!.
في الحقيقة أن جزءاً كبيراً من هذا الكلام صحيح جداً، وأن الواقع يعلمنا أشياء قد تكون مغايرة تماماً لما تعلمناه ودرسناه في مدارسنا وجامعتنا، بل إن الواقع المتغير لن يتوافق أبداً مع العلم الثابت، وما لم يتغير العلم المؤطر بكتب ونوطات ليتواكب مع تغيرات الواقع فإنه سيكون عديم النفع، بل قد يكون أشد ضرراً إذا ما عارك صاحبُه عالم الأعمال والأسواق والتجارة، لأن كثيراً من العلوم قد ناقضها الواقع الحديث، لا بل إن الكثير من النظريات الآن أثبتت عدم جدواها عندما قورنت بالواقع المتغير.. وقد وجدنا نظير ذلك في الشرع الإسلامي عندما تحدث علماء الشريعة عن فقه الواقع..!
من هنا نشأت الحاجة إلى التدريب كونه أكثر كفاءة من التعليم، حيث يستطيع التدريب المناورة في تحديث العلوم أكثر من مناورة التعليم في تغيير المناهج الدارسية والتعليمية، كما يستطيع المدرب التعايش مع الواقع أكثر مما يستطيع معلم المدرسة أو دكتور الجامعة فهم الواقع والتعايش معه.
كما ظهرت مؤخراً برامج تدريبية حديثة ترتكز أساساً على الواقع أكثر منها على النظريات، ومنها على سبيل المثال البرنامج التدريبي الشهير (القيادة الموقفية)، والبرنامج الناجح جداً للدكتور طارق السويدان (مهارات الإدارة العملية).
إن هذا الكلام لا يعني الاستغناء عن التعليم والتحول إلى فهم الواقع والتعلم منه فقط، بل إن أحدهما لا يمكن أن يستغني عن الآخر بحال من الأحوال، ولكن ما نقوله هو دعوة للتركيز على الواقع المعاش، والاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين، الناجحين منهم خصوصاً، والتعلم منهم، والاطلاع على إبداع المؤسسات والمنظمات الناجحة، ومعرفة نظمهم وطرق إدارتهم للأعمال، كل هذه تعتبر ثروات حقيقية، يمكن أن تدرس وتستنبط منها مئات النظريات والعلوم الحديثة، لتحل محل مناهج التعليم القديمة التي عفا عنها الزمن، وباتت لا تصلح للقرن الحادي والعشرين.