السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إليكم اخوتي واخواتي تكملة الموضوع :
2_ أما مفهوم الرزق لدى جيل النصر فقد زهدوا بالحياة ولم تعشعش الدنيا في قلوبهم بل كانت الدنيا بين أيديهم
ولكنهم ركلوها بأرجلهم فانحنت لهم صاغرة, وكان الدين في أعماق أعماق قلوبهم فرزقهم الله من حيث لم يحتسبوا.
وإليكم بعض الآيات التي تتحدث عن الرزق:
قال تعالى :{وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ
فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }النحل71
والمعنى أن الله فَضَّل بعضكم على بعض فيما أعطاكم في الدنيا من الرزق, فمنكم غني ومنكم فقير, ومنكم مالك
ومنكم مملوك, فلا يعطي المالكون مملوكيهم مما أعطاهم الله ما يصيرون به شركاء لهم متساوين معهم في المال,
فإذا لم يرضوا بذلك لأنفسهم, فلماذا رضوا أن يجعلوا لله شركاء من عبيده؟ إن هذا لَمن أعظم الظلم والجحود لِنعم
الله عز وجل.
قال تعالى :{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }الإسراء30 بهذا الفهم إطمأنت
نفوس جيل النصر وبهذا الفهم أدركوا بأن ربك يبسط الرزق على بعض الناس، ويضيِّقه على بعضهم، وَفْق علمه
وحكمته سبحانه وتعالى. إنه هو المطَّلِع على خفايا عباده، لا يغيب عن علمه شيء من أحوالهم.
قال الله جل جلاله {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }سبأ36 واليوم كثير من
الناس لا يعلمون علم اليقين أن الجهاد لا يقطع الرزق وأن كلمة الحق لا تقدم أجل ولا تؤخر الرزق . ولكن
المجاهدين اليوم قد علموا علم اليقين أن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله فهاجروا وتركوا عيالهم لله الرزاق
الذي قال {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }هود6
والرزق يأتي بالتقوى والتوكل لقوله عليه الصلاة والسلام( لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق
الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانًا) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأعظم
أنواع الرزق هو الرزق من مال الغنائم الذي أباحه الله للنبي عليه الصلاة والسلام وأتباعه وللعلم بأن أطيب المال مال
الغنائم.
وقال أحدهم لو ان ابن آدم ركب الريح فارا من رزقه لركب الرزق البرق وسقط فى فمه ...
*****************************************
3_ أما مفهوم النصر لدى جيل النصر فإنهم فهموا معنى النصر ومتطلباته وشروطه وعلموا أن النصر من عند الله
فقط والنصر يعني التمكين في الأرض وهذا لا يكون إلا لأصحاب الإيمان الصحيح الذين لا يعتمدون على أنفسهم
وعلى قوتهم المادية فقط وإليكم بعض الآيات التي تتحدث عن النصروأنه فقط بيد الله.
قال تعالى : {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }آل
عمران126
قال تعالى :{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران160
{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ }التوبة14
قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد7 والمعنى يا أيها الذين صدَّقوا الله
ورسوله وعملوا بشرعه, إن تنصروا دين الله بالجهاد في سبيله, والحكم بكتابه, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه,
ينصركم الله على أعدائكم, ويثبت أقدامكم عند القتال.
فيجب أن نعلم إن نصر الله جل وعز متحقق لمن يستحقونه وهم المؤمنون الذين يثبتون حتى النهاية ، الذين يثبتون على
البأساء والضراء ، الذين يصمدون للزلزلة الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة ، الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر
الله ، وعندما يشاء الله ، وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها فهم يتطلعون فحسب إلى نصر الله لا إلى أي حل آخر ، ولا
إلى نصر لا يجيء من عند الله.لكن لهذا النصر صور عديدة وليس النصر محصوراً في انتصار المعارك فحسب بل
قد يقتل النبيّ أو يطرد العالم أو يسجن الداعية أو يموت المجاهد أو تسقط الدولة والمؤمنون منهم من يسام العذاب
ومنهم من يلقى في الأخدود ومنهم من يَستشهد ومنهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد ومع ذلك يكون كل هؤلاء
قد انتصروا بل وحققوا نصراً مؤزراً وتحقق فيهم قول الله تعالى (وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)
يتبع بإذن الله تعالى
دمتم على طاعة الله
4_ أما مفهوم صفات الله ومنها أن النافع والضار هو الخالق وليس المخلوق قد أسس في ذلك الجيل إيماناً عجيباً
جعلهم لا يخشون الجبابرة ولا الملوك يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: “وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُر فَلاَ كَاشِفَ
لَهُ إِلا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدُيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ” (الآيتان: 17 18). يوضح الحق سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين أنه وحده الذي يملك الضر والنفع للإنسان، وأنه هو المتصرف
في خلقه بما يشاء، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
(دققوا معي الآن ؛ متى يُنافق الإنسان ؟ متى يُرائي ؟ ومتى يخاف ؟ ومتى ينهار ؟ ومتىيَخْنع ؟ ومتى يقبل الضيم ؟
إذا شعر أن إنساناً يمكن أن ينفعه ، أو يمكن أن يضره ،أمّا إذا أيقن أنه لا نافع إلا الله ، ولا ضار إلا الله ، رفع
رأسه وقال : لا وذلك بِملء فمِه ، واعتقد أن الله لن يسلمه ، ولن يتخلى عنه ، وأن كلمة الحق لا تقطع رزقاً ، ولا
تقرِّب أجلاً . كل أسباب القوة والمنعة ، وكل أسباب العزة والجُرأة ،بسبب أن تؤمن أنه لا نافع ، ولا ضار، إلا الله )
فإن للناس اليوم كلاما يقولون فيه بأن النافع والضار هو الله جل جلاله ولكنهم عند أول محنة تراهم يتراجعون عن
مفهومهم بأن الله هو الذي ينفع وهو الذي يضر. إن المسلم الذي يوقن بأن الله هو الضار و النافع يكون قلبه مستشعرا
لهذه المعاني ويكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لإبن عباس "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا عَلَى أن ينفعوك لم
ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا عَلَى أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك" ومن هذا
الفهم كان النصر للرعيل الأول نصراً مؤزراً على القوى الكبرى في ذلك الزمان وكانت الهزيمة للمسلمين اليوم لأن
الإيمان اليوم هو إيمان نظري وليس عقيدةً غرست في القلوب وترجمت على الواقع.
********************************************
5_ أما مفهوم التوكل على الله عند جيل النصر فقد كان توكلا حقيقيا لم يرتابه أي شك فقد كانت صفتهم التي
يغبطهم الناس عليها هي حقيقة التوكل على الله . قال الله جل جلاله
{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }هود56 أي إني
توكلت على الله ربي وربكم مالك كل شيء والمتصرف فيه, فلا يصيبني شيء إلا بأمره, وهو القادر على كل شيء,
فليس من شيء يدِبُّ على هذه الأرض إلا والله مالكه, وهو في سلطانه وتصرفه. إن ربي على صراط مستقيم, أي
عدل في قضائه وشرعه وأمره. يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
فالتوكل على الله يذهب الفشل ويأتي بالنصر قال الله جل جلاله {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران122
أكرر يأتي التوكل الصادق بالنصر المبين {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ
وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران160
فالتوكل على الله يذهب الخوف من قلوب المسلمين ويدب الرعب في قلوب الكافرين قال الله جل جلاله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ }المائدة11
والتوكل صفة ملازمة لأهل الإيمان أهل النصرة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ
آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2
التوكل على الله يجلب للمسلم الإطمئنان والصبر على المصائب قال الله جل جلاله {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا
هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }التوبة51
قال الله جل جلاله {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ
}إبراهيم12 والمعنى كيف لا نتوكل على الله, وهو الذي أرشدنا إلى طريق النجاة من عذابه باتباع أحكام دينه؟
ولنصبرنَّ على إيذائكم لنا, وعلى الله وحده يجب أن يعتمد المؤمنون في نصرهم, وهزيمة أعدائهم.
ويكفي أن الشيطان لا يستطيع أن يتسلط على المتوكلين التوكل الحقيقي قال الله جل جلاله
{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }النحل99
وأكتفي بهذا القدر من آيات الله التي إن فهمناها فهما عمليا غيرنا مجرى التاريخ ودانت لنا الأمم وحكمنا الأبيض
والأسود من الناس.
وقال السلف الصالح عن التوكل :
قال ابن عباس
التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في
دنياك) .
و قال الحسن: ( إن من توكل العبد أن يكون الله هو ثقته).
وقال الإمام أحمد: ( هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق)، وقال: ( وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل
ثناؤه والثقة به . و التوكل عمل القلب، ومعنى ذلك أنه عمل قلبي ليس بقول اللسان و لاعمل الجوارح و لا هو من
باب العلوم والإدراكات(
وقال عبدالله بن داود الخريبي: أرى التوكل حسن الظن بالله .
وقال شقيق بن إبراهيم: التوكل طمأنينة القلب بموعود الله عز وجل .
وقال ابن رجب الحنبلي: هو صدق اعتماد القلب على الله عز و جل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور
الدنيا والآخرة كلها .
وقال ابن حجر: وقيل: هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب .
وقال الغزالي:الاكتفاء بالأسباب الخفية عن الأسباب الظاهرة مع سكون النفس إلى مسبب السبب لا إلى السبب .
وقيل:علم القلب بكفاية الرب للعبد , وقيل التوكل نفي الشكوك والتفويض إلى مالك الملوك ,وغيرها الكثير من
المعاني الرائعة.
وأخيرا أقول بأننا إذا أردنا أن نهزم الكفر العالمي ونرفع راية لا إله إلا الله خفاقة فوق كل الأرض حتى لا يبقى بيت
إلا ويدخله الإسلام والرحمة . يجب علينا أن نعتقد هذه المسائل إعتقادا عمليا, فوالله إن صدقنا بهذه المفاهيم الربانية
سوف يتنزل علينا النصر وتفلق لنا البحار وينطق بين أيدينا الحجر والشجر ولسوف تتنزل الملائكة لنصرتنا لأننا عندها
نكون قد نصرنا دين الله كما أمر الله وعندها لن يخذلنا الله وليس ذلك على الله بعزيز. اللهم انصر كل المجاهدين
ووحد صفوفهم وانتقم من الطواغيت عربهم وعجمهم واجعلنا من الذين يستحقون الموعودات التي لن تتخلف.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه \ أخوكم خادم المسلمين أبو الزهراء الزبيدي