“إلى من سبتني وغللت قلبي وقادته في
هواها ، قلبي منذ رآك ينزف حبا ، وأنت وحدك البلسم ، فحياتي بين يديك ، إن
شئت قتلتيني أو بحبك غمرتيني “
قرأت حياة هذه الكلمات عدة مرات ، غير مصدقة قائلة في نفسها : يا له من
حلم مزعج !
فهي لم تتصور أن يحدث لها موقف كهذا أبدا . بعد أن هدأت واستقر قلبها
بين أضلاعها بعد تضعضع أيقنت حياة أنها لا تحلم بل هي حقيقة . فسليم زميل
لها في الجامعة بعد لها برسالة مع صديق له ، كان سليم وسيما مملوء الكفين
لكنها لم تكن تعلم شيئا آخر فليس من عاداتها أن تتحرى عن بواطن الزملاء
وغيرهم
أما حياة فكانت بيضاء كأنها قطعة من البدر ،زرقاء العينين ، سكب البحر
فيهما كل آيات الجمال والروعة ، ممشوقة القوام لا تهتم إلا بدراستها .
باتت ليلتها تتقلب بين لجج من الأفكار وتتلاعب بها تيارات المشاعر .
كلمات كان وقعها أقوى من الزلازل وأدهى من البراكين ، ورسالة كانت كافية أن
تحرق كل قناعات الماضي وتنسج حول قلبها غشاوة الحب .
بعد ليلة مضنية لم يغمض لها فيها جفن ، ذهبت حياة إلى الجامعة كعادتها
فلما رأت سليم ، توردت وجنتاها ، وانكسرت عيناها ، وخفق قلبها بقوة وسرعة
كأنه صوت حوافر الخيل في سباق . أسرعت لتجنبه وولجت قاعة المحاضرات لكنها
لم تفقه شيئا لأنها لم تكن تنصت . كانت أفكارها مبعثرة كشتات أوراق يفعل
بها إعصار سليم ما يحلو له . حاولت نسيانه ، حاولت لملمة أشلاء قلبها لكن
هباءا منثورا . كلمات أسقطت كل الحصون ، وكبلت كل محاولة
للمقاومة !!!!!!!!!
أيام من العذاب كانت كفيلة أن تحيل حياة ورقة صفراء كأوراق الخريف ،
نحيلة ، ذابلة ، تبكي الأرض التي تحتضنها . في تلك الأيام كان سليم يبث
العيون لمراقبتها ويتحين الفرصة لولوج عالمها .
كان جوا ربيعيا جميلا ، فالسماء زرقاء لا تشوبها شائبة كانت اتمداد
لعيني حياة التي كانت وحيدة في زاوية منفردة ، سارحة بفكرها بحيث لا يميز
من رآها إن كانت تسبح في الخيال أو هي خيال إنسان ، فجأة إذا بها تسمع ‘
صباح الحب ‘ ، التفتت داهشة بإذا سليم أمامها ، في لحظات نبتت كل الزهور
الوردية على وجنتيها ، وأعلن رسميا سقوط قلبها .
كانت كلمات سليم شلالا عذبا أغرقها وهي تستعذب ذلك ، كان ينسج خيوطه
بذكاء ثعلب وخبرة عنكبوت ، ودقة صياد ماهر . فطغى الهيام على قلب حياة
وتحولت إلى لعبة بين يديه يقلبها أني يشاء .
مرت الأيام على العشيقين ، ونال منها قبلة ولمسة ولثمة ، بل أصبحت
صلاتها القبل وكلامهما أشعار الغزل . لم تدرك يومها أنها تعيش الوهم ،
فالحب يعمي ويصم ، حتى وجدت نفسها في بيته ، اثنان هما والشيطان ثالثهما ،
بغدر ذئب أغرز أنيابه فيها فقطعها لحما ورماها عظما ، بدون وعي وجدت نفسها
بين براثن سليم ، اجتاحها الفيضان فأغرق كل شيء جميل فيها وغطيت بالوحل .
في ليلة واحدة أصابها الجرثوم وفقدت أغلى ما تملك .
كلمات أسقطت مدينة ، دمرتها ، خربتها وتركتها طلل . لم تنفع دموعها بعد
تلك الليلة فمياه المطر تحيي الأرض الخصبة وتقف عاجزة أمام الأرض البور .
بعد أيام أحست حياة بدبيب في أحشائها ، فشنقت نفسها خوفا من الفضيحة
واضعة حدا لحياتها ، تاركة خلفها بضع كلمات : ” ثمن الخطيئة هو الموت ” ….
الثلاثاء يونيو 01, 2010 12:18 pm من طرف imtyaz