موضوع: الصهيونية ....... الدين الجديد للانظمة الإثنين يونيو 21, 2010 10:35 pm
عندما أصدر النظام المصري أوامره بفتح معبر رفح لأجل غير مسمى بعد حادثة الاعتداء الآثم على أسطول الحرية، استبشر الناس خيرا، وظن الكثير- وبعض الظن إثم- أنه استجاب لضغوط الشعوب العربية والإسلامية، خاصة الشعب المصري الذي انتفض بجميع أطيافه في كل أنحاء الدولة معلنا غضبه من أجل شهداء الحرية، منددا بالجريمة القذرة للصهاينة المجرمين، مطالبا حكام العرب والمسلمين بالتحرك الفعلي والجدي بقرارات عملية لها صدى على أرض الواقع لنصرة الفلسطينيين في غزة، وفك حصارهم الظالم المستمر منذ ثلاث سنوات أو تزيد.
قلنا، لقد أتى الجهاد السلمي أكله، ونضجت ثمرته، ورأينا في حياتنا قبل أن نغادر هذه الدنيا الآثمة استجابة الحكام لغضبة الشعوب ونزولهم عند رغبتهم ولو لمرة واحدة، لكن الصدمة كانت عنيفة وقوية، عندما قام النظام المصري نفسه بمصادرة المعونات الرمزية التي صاحبت قافلة النواب المصريين التي انطلقت من أمام مقر مجلس الشعب متجهة صوب غزة، معلنة عن تضامنها مع الشعب الشقيق، والسماح للنواب على استحياء بالدخول إلى غزة من غير معونات!! بحجة أن المعبر مفتوح لعبور الأفراد لا لعبور البضائع والشاحنات.
والسؤال الذي أصبح ملحا، وباتت شواهد الإجابة عليه واضحة للعيان، هل كان النظام المصري مستجيبا لرغبات الشعوب وللضمير الإنسانى عندما أمر بفتح معبر رفح لأجل غير مسمى؟ أم كان مستجيبا لرغبات الصهاينة والأمريكان، بل لأوامرهم المباشرة بفتح المعبر ذرا للرماد في العيون، وتغطية على الجريمة التي استنكرتها جميع الشعوب الحرة، وتهدئة للأوضاع، حتى لا تصل لحد الانفجار الذي لا تحمد عقباه للصهاينة والأمريكان والأنظمة التي ربطت مصالحها بهما؟. الصهيونية التي أصبحت العقيدة السياسية لكثير من حكام العالم أجمع، على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم وأجناسهم وأيديولوجياتهم، بل وحتى على اختلاف أديانهم، هي التي جعلت المواقف تجاه كل ما يخص جرائم الصهاينة مواقف باهتة، لا ترتقي حتى للموقف تجاه القراصنة الصوماليين في البحر الأحمر.
تلك العقيدة السياسية الجديدة لكل الأنظمة الداعمة للصهيونية على اختلاف أنواع الدعم ومظاهره لم يكن اعتناقها وليد اللحظة الراهنة، لكنها نتيجة عمل متواصل في الخفاء من قبل الصهاينة والأمريكان ومخابراتهما لتربية الكوادر المعتنقة لتلك العقيدة، والدفع بها نحو دولاب الحكم في بلدانها، بعد تقييدها بسسلسة غليظة من المصالح الاقتصادية أو غيرها لا يستطيعون الفكاك منها.
فهل يمكن بعد تلك الشواهد التعويل على الأنظمة في استرداد الحقوق ونصرة القضية، أم أن الكرة الآن في ملعب الشعوب وحدها، فهما ووعيا وتحركا سلميا، وتضحية في سبيل الحرية والتطهير، فهي سلعة غالية تحتاج إلى ثمن غال؟!. يبدو أنّ هوس "آل بوش" بالعراق لا يعرف حدودا، ويبدو أنّ هذه العائلة الجمهوريّة التي جمعت بين الاستثمار في السياسة، وبين عقد الصفقات البتروليّة لا تريد أن تقطع صلتها بهذا البلد التي تحتفظ بذكريات معه، لا تُمحى بسهولة.
أوّل العاشقين وأكبرهم وَجْدا "بوش الأب" الذي ذاب حبّا في رمل العراق وصحرائه وبتروله، فجنّد الأساطيل، ونفث حمم غضبه لاستعادة "الكويت"! وآخرهم "بوش الابن" الذي ورث هذا "العشق السماوي" عن أبيه، فأكمل ما لم ينجح فيه والده، وأسقط "صدّام حسين" "خدمة للشعب العراقي"!!!.
ولكن لما توقّع الملاحظون أنّ علاقة العشق والحبّ المقدّسة بين عائلة "بوش"، وبين عراق الرمل والبترول قد انتهت، وأمست طيّ التاريخ، خاصّة بعد خروج الرئيس "بوش الابن" من الحياة السياسيّة تتبعه لعنة حذاء عراقيّ رُمي به فلم يصبه، جاء حدث زواج حفيد "بوش الأب" وابن أخ "جورج دبليو بوش" "حاكم "فلوريدا" الذي ارتبطت به فضيحة تزوير الانتخابات الأمريكيّة، ليعيد علاقة هذه العائلة المريبة بالعراق، وبأوساط الاستثمارات العربيّة إلى صدارة الأحداث.
لقد تزوّج "جون إليس بوش" ابن حاكم فلوريدا، في كنيسة كاثوليكيّة بمدينة "ميامي"، من فتاة عراقيّة أردنيّة تكبره بأربع سنوات تتويجا لقصّة حبّ جارفة. وهذه الفتاة المحظوظة!! اسمها "ساندرا الغدادي" لم تتجاوز الثلاثين من عمرها، ولدت لأب أردنيّ وأمّ عراقيّة، كانت باحثة في مكتب ولي العهد الأردني السابق "الحسن بن طلال" وهي تعمل، منذ سنة 2007 مديرة لمؤسسة خيريّة تعمل على الإحاطة بالشباب المهمّش في الشرق الأوسط وأوروبا. ولقد حضر الرئيسان الأسبقان هذا الزواج؛ ووقف المدعوون على ما يتميّز به "بوش الابن" من دعابة وروح مرحة!!
وإذا ما قدّر لعائلة "بوش" أن تعتلي مستقبلا عرش البيت الأبيض فستكون هذه الزوجة "الأردنية العراقيّة" أوّل سيّدة للبيت الأبيض من أصول عربيّة!!! ولا شيء يمنع هذه الفرضيّة لأنّ الابن "جون إليس" الذي يعمل في شركة عقاريّة، يجسّد، رغم اعتقاله سنة 2005 بسبب الكحول، أمل العائلة في استعادة مجدها السياسيّ الذي كانت العراق واحدا من الأسباب التي عجّلت بانهياره، وبتدهور صورة عائلة الرؤساء في الداخل والخارج.
ولم يسلم زواج حفيد الرئيس الأمريكيّ "بوش الأب" من فتاة عربيّة تكبره بأربع سنوات، من التعاليق الساخرة؛ فقد اهتمت الصحافة الأمريكيّة بهذا الحدث وتساءلت في استغراب عن الاعتبارات السياسيّة والماليّة التي عجّلت بهذا الزواج.
إنّ عشق الأمريكان للعراق يؤكّد حقيقة ثابتة وهي أنّ الحبّ لا يأتي إلاّ بعد عداوة؛ فبريمر حاكم العراق في زمن غابر، ختم فترة حكمه بجمع أموال طائلة من صفقات البترول، وغادره مع عراقيّة عشقها، بعد أن هام ببترول بلادها. وها هو أمريكيّ آخر يواصل مسيرة الوجد والهيام، ويرتبط علنا بفتاة "أردنيّة عراقيّة" ليؤكّد أنّ الهوّة بين "الغرب" و"الشرق" هي كذبة تدخل في باب التهويل الإعلاميّ، وأنّ القلوب العاشقة إذا التقت بالجيوب الممتلئة تحوّل دبّابة الكره إلى وردة حبّ، وطائرة الموت إلى طائر الحبّ والحياة.