بينما كنت جالسة في السيارة ، لمحت شيئا ما يخرج من بين
مجموعة البيوت الصغيرة المحيطة ..
فمضى بعض الوقت إلى أن تبينت أن هذا الشيء هو رجل يزحف
باتجاه المسجد.. و كان هذا الرجل يضع صندلاً من المطاط في يديه
و يزحف متجهاً إلى المسجد لأداء صلاة العصر جماعة مع غيره من
المصلين ، و كان هذا الرجل يجر الجزء الأسفل من جسده على
الأرض الصلبة من تحته ، و قد كان العرق يتصبب على جسمه كاملا
من أثر الحرارة الشديدة و التي قاربت المائة درجة فهرنهايتية ..
و مع وصوله إلى سور المسجد كان كأنه يغرق في بحر من العرق
و قد تلفح وجهه بالحمرة ..
و قد مر به الكثير من المصلين في طريقهم إلى المسجد بطريقة تشير
إلى تعودهم على رؤية هذا المنظر الغريب..
ثم إذا برجل يخرج من متجر مجاور و يمعن النظر فيه قبل أن يعود
إلى داخل المتجر جالباً علبة مشروب بارد .. و فتح العلبة و أعطاها
للرجل ثم جلسا لدقيقة يتحدثان في موضوع ما ..
و قد سمعتهما حين عرض صاحب المتجر المساعدة على الرجل
المقعد ، و توصيله إلى المسجد و لكن دون جدوى حيث أصر المقعد
على الزحف نحو المسجد بمفرده دون مساعدة ..
و لقد كان المقعد حريصا على أن يبلغ المسجد في الوقت
المناسب ، لذلك استأذن صاحبه و مضى في زحفه المجهد نحو المسجد ..
لم أره حين صعد الدرج ، و لم أتصور كيف يمكنني مساعدته !..
لقد أجهشت في البكاء بعد رؤية هذا المنظر متذكرة حديث النبي
عليه الصلاة والسلام حينما قال: بما معناه أن أثقل الصلاة على
المنافقين هي صلاة الفجر و العشاء،
و لو علموا ما فيهما من خير لأتوهما حبواً ..
هذا الرجل ، الذي جاء حقاً زاحفاً إلى المسجد ، لم يستثقل الصلاة
بتاتا بل كان ذاهباً إلى المسجد و كأنه الجنة التي سيجد فيها الخير
الدائم و النعمة الباقية ..
و هكذا هم عباد الرحمن يمشون على الأرض معنا ، و يعيشون بيننا و لهم
منزلة عظيمة عند الله سبحانه و تعالى ..
أسأل الله أن يجزي كل المجتهدين في سبيله ، و أن يعرفنا
بضعف نفوسنا حينما نرى قوة مثل هذا الرجل الذي لم يخجل من
الزحف نحو المسجد بينما يخجل البعض من دخوله !!
أسألكم بالله العلي العظيم أما قلوبنا قاسية أمام هذا الشيخ الضعيف
الحال و الجسد و المعاق ؟ اسأل نفسك متى تذهب للمسجد متى ؟؟؟؟