تمكن علماء في جامعة شفيلد البريطانية، في دراسة علمية أجروها مؤخراً، من التوصل إلى تفسيرات دقيقة لاختلاف الصوت بين الذكور والإناث، بعد أن تبين أن الدماغ في كلا الجنسين يلعب دوراً أساسياً ومهماً في ذلك. فقد وجد الباحثون بعد متابعة المسوحات الدماغية لحوالي 12 رجلاً، عند تعرضهم لأصوات ذكرية وأنثوية، أن المخ يختلف في معالجته لهذين الصوتين، إذ سببت الأصوات النسائية تنشيط الجزء السمعي من الدماغ، في حين أثار الصوت الرجولتركيبة الدماغ وراء اختلافات الصوت بين الرجل والمرأة ي نشاط المنطقة الواقعة خلف الدماغ، وتعرف باسم "عين العقل". وأوضح الخبراء أن الأصوات تسمح للدماغ بتحديد عوامل شخصية مختلفة، تتعلق بمظهر الإنسان وجنسه وحجمه وعمره، مشيرين إلى أن هذا الأمر أكثر تعقيداً من المتوقع، ويعتبر وسيلة في غاية الأهمية في إكساب الإنسان قدرة على تحديد هوية الفرد دون رؤيته. وفسر الباحثون ذلك بأن صوت الأنثى أكثر تعقيداً من صوت الذكر، بسبب الاختلافات في حجم وشكل الحبال الصوتية والحنجرة بين الرجال والنساء، وبسبب وجود نغمة طبيعية أعلى في الأصوات الأنثوية، مما يسبب مدى أعقد من الترددات الصوتية مما هو عند الرجال. ونبه هؤلاء العلماء إلى أن الصوت الأنثوي ينشط الجزء السمعي من دماغ الرجل المسؤول عن تحليل الأصوات المختلفة، بهدف قراءة الصوت وتمييزه، وتحديد النمط السمعي الخاص به. أما الصوت الذكوري فيثير الجزء الدماغي الخاص بمعالجة المعلومات، والواقع خلف المخ، ويعرف باسمه الشائع "عين العقل"، إذ تعمل هذه المنطقة على مقارنة التجارب الشخصية، التي يمر بها الإنسان في حياته، لذا فإن الرجل يقارن صوته بالصوت الجديد لتحديد جنس من يكلمه. ولفت العلماء الأنظار إلى أن الأشخاص، الذين يعانون من أصوات هلوسة، غالباً ما يسمعون أصواتاً ذكورية، معربين عن اعتقادهم بأن الهلوسات السمعية تنجم عن نشاط الدماغ تلقائياً، وهو ما يخلق إدراكاً صوتياً غير صحيح. وأوضح أطباء النفس أن السبب في كون أصوات الهلوسة من النوع الذكوري، يكمن في أن الصوت الأنثوي أكثر تعقيداً، لذا فإن الدماغ يجد صعوبة في إنشاء صوت نسائي غير صحيح بدقة، ويسهل عليه خلق أصوات رجولية خاطئة. ويرى العلماء أن هذه النتائج تفسر أيضاً سبب كون الأصوات الأنثوية أوضح من الأصوات الذكورية، إذ يكمن هذا الأمر في أن الجزء السمعي من المخ هو الذي ينشط مما يتيح سهولة معالجة الأصوات الناعمة، ويمنحها وضوحاً أكبر.