كشف حقيقة البكالوريا .... ما يقطع الشكّ !
البكالوريا..
غالبا ما تتبادر إلى أذهاننا عند سماع هذه الكلمة أرقام و أعداد و هي
تجسّد نسب التفوّق، المعدّلات، و كذا نقاط مختلف الموادّ، وكلّ هذا و قبل
أن يُكشَفَ عنه يمثّل ما يتقاسمه التّلاميذ مع أوليائهم و أساتذتهم من هموم
و طموحات بعضها يتحقّق و بعضها ينكسر على صخرة الواقع، و لكنْ قد لا يكون
للجهود المبذولة ذنب في بعض الإخفاقات .. لذا فكثيرا ما نسمع من بعض
الممتحنين عبارات تعبّر عن حالة عارمة من الغيظ و التّأسّف بعد الاصطدام
بخيبة الأمل على غرار : "لقد ظُلِمت !" ، "لم أنل حقّي ! " ، "هذه ليست نقطتي.. !" ...إلخ
فهل
كلّ هؤلاء المغتاظين على حقّ؟ أم أنّ أقدراهم لم تسعفهم ؟ أم أنّهم أخفقوا
بسبب سوء التّركيز ؟ أم هل تفتقر عمليّات التّصحيح و نقل النّقاط لشيء من
الدّقّة ؟ أم هل يفتقر بعض الأساتذة المصحّحين لروح المسؤوليّة و الجدّيّة
في العمل ؟
و
لتوضيح رؤيتي الخاصّة حول هذا الموضوع مع العلم أنّ الحالات مختلفة فسأسرد
عبر هذه الكلمات قصّتي المتعلّقة بهذا الإشكال لقطع شكوك ما ، و لتبيين
أنّ الأخطاء في عمليّات التّصحيح أو نقل النّقاط فيما يخصّ امتحانات شهادة
البكالوريا واردة و لو كانت مقصورة على بعض الحالات، و لذا وجب التّنويه ..
و كلّ مخفق حسب درجة يقينه ..
في
بادئ الأمر أعرّف بنفسي.. "رضا بورابعة"، هذا هو اسمي .. من مواليد القبة
بالجزائر العاصمة في 01/04/1993 ، متحصّل على شهادة البكالوريا شعبة
رياضيات بتقدير جيّد جدّا ، دورة جوان 2011، حيث كنت متمدرسا بثانوية سعد
دحلب بالقبة أين قضيت كلّ سنوات مرحلة التّعليم الثّانويّ ، و قد تميّزت
على طول مشواري الدّراسيّ في كلّ مراحله في تميّزي في مادّة اللّغة العربية
و لله الحمد و المنّة .. انطلاقا من مرحلة التّعليم الابتدائيّ حيث نلت
شهادة التّعليم الابتدائيّ بمعدّل 19.68 و كانت نقطتي في اللّغة العربية
19.5 ،و بعد ذلك .. في مرحلة التّعليم المتوسّط حيث كانت أغلب نقاطي في هذه
المادّة تتراوح بين 18 و 19 ، و فيما يخصّ شهادة التّعليم المتوسّط فقد
نلتها بمعدّل 16.60 و الّذي لم يرضني إذ أحسست بظلم معتبر، و قدْ نشر
تظلّمي و تأسّفي في مقال بجريدة الشّروق العدد 2338 و رغم ذلك فإنّ نقطتي
في اللّغة العربية كانت 18 و ما أحسست به من ظلم تعلّق بموادّ أخرى .
و
استمرّ تفوّقي بفضل الله في مرحلة التّعليم الثّانويّ .. حيث كان متوسّط
نقاطي في مادّة الأدب العربيّ 18 ..و نلت 19 كذا مرّة .. و كانت هذه
المرحلة من الدّراسة بالنّسبة لي غنيّة بالإنجازات .. خاصّة مع كوني كاتبا
للشّعر الفصيح ( شعر التفعيلة العمودي و شعر التّفعيلة الحرّ)
و
من بين تلك الإنجازات فوزي بالمركز الأوّل لجائزة الشّعر في المهرجان
الوطنيّ للشعر و النثر المدرسيين سنة 2009 بالبويرة. و كذا المركز الأوّل
في مسابقة جائزة محمد الأخضر السائحي 2010 و التي أقيمت ببلدية القبة . كما
تمّ تصوير روبرتاج عني مع المخرجة الجزائرية فاطمة بلحاج عبر برنامج
"متميزون" و الذي لا أدري عن بثه شيئا ...
أمّا
عن النّشر .. فكثيرا ما أنشر قصائدي عبر صفحات الانترنت ، لكن و لله الحمد
تمّ نشر قصيدة لي في مجلّة أقلام جديدة بالأردن ، و فضلا عن ذلك فقد كنت
من المشاركين في ديوان "صلوات لوجه غزة" و الذي يعتبر ديوانا ورقيّا مشتركا
ضمّ مجموعة من شعراء ملتقى حكايا الأدبي و الّذي طبع بلبنان ( الطّبعة
الأولى 2009) حيث شاركتُ بقصيدة "ملحمة النّجوى الداميّة"
كما تم نشر حوار معي في عدة جرائد جزائرية ( الجزائر الجديدة ، المساء ، الأحداث)
و
بفضل الله فقد كان صوتي يصل للمستمعين بقصائدي عبر أمواج الإذاعة خاصّة مع
مشاركاتي العديدة في عدة حفلات و مناسبات خاصّة مع وزارة التّربية و
التّعليم
كلّ
هذا كان في السّنة الأولى و الثّانية من التّعليم الثانويّ .. أمّا في
السنة النهائيّة الثالثة فلم أشأ أن أستمرّ في المشاركات .. لكن كان هنالك
شيء آخر ... إنّها مسابقة ما بين الثانويات التي تم بثها عبر أمواج إذاعة
البهجة ( ثانويات على الافم ). لقد شاركت في فريق ثانويتي التي شاركت في
هذه المسابقة حيث لم أتغيّب عن أيّة مقابلة ،و في نهاية المطاف توّجنا
بالمركز الأوّل و لله الحمد ... في الدّور الأوّل أُجْرِيَتْ المباراة دون
مادة الأدب العربيّ ، أمّا في الدّور الثاني و الثّالث (النّهائيّ) فقد
كانت هذه المادة من بين مواد المسابقة و قد كان يُخَصّصُ لكلّ سؤال في كلّ
مادّة دقيقة واحدة .. و قد لعِبتْ هذه المادّة دور الفيصل في كلا اللقاءين
خاصّة مع كثرة الأسئلة الجزئية للسؤال و طولها مقارنة بالوقت الضيّق مما
جعلها تمثل الفارق في تحديد النتائج، ففرق الثانويات الأخرى كانت تنال
نقاطا ضعيفة في هذه المادة للأسباب السّالف ذكرها ، أما نحن فقد كنت أرتجل
الإجابات ارتجالا على المنصّة . إذ نلت 9من10 في الدّور الثاني حيث قالت
الأستاذة المصحّحة ( إذا قال الشاعر "وخير جليس في الزمان كتاب" فأنا أقول
"و خير جليس في الزمان بورابعة") و نلت 9.75من10 في الدور النّهائي و هاهنا
قالت الأستاذة المصحّحة ( لقد أفحمتني) و هذا ما جعلنا -إضافة إلى دور
زملائي العظيم جدّا- نتوّج بالمركز الأوّل .
كلّ
هذه الانتصارات و الإنجازات شكّلت لي دافعا معنويّا حقيقيّا، فتفاءلت
بنقطة مرتفعة في مادّة الأدب العربي في شهادة التّعليم الثانوي خاصّة مع
ثقتي الطيبة بنفسي و معرفتي لنوعية الأسئلة التي يمكن أن تكون مع تمرّسي
الشديد مع مختلف أنواعها ... و قد قاسمني هذا التوقع كل الأساتذة و الزملاء
و الأهل و الإداريين و ...
و
قد ازداد تفاؤلي عند اجتيازي لامتحان هذه المادّة في اليوم الأول من
امتحانات البكالوريا حيث غادرت القاعة و البسمة رابضة في شفتيّ ..
لكنْ
... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ... فقد كانت المفاجأة عظيمة بظهور
النتائج ..... ولم أصدق ما رأيت حين رأيت نقطتي في مادّة "الأدب العربيّ"
"11.5"
لقد
كانت الصدمة كبيرة جدا و كان وقعها عليّ كبيرا إلى حدّ لا يوصف و لا
يُحتمل ... شيء غريب جدّا لا يمكن توقّعه أبدا فالصفحات التسعة للإجابة
ألصقتها بنفسي و الخطّ كان واضحا و ...
عندما
ذهبت لمديرية التربية للاستفسار عن الطعون .. قيل لي أن الأمر غير ممكن و
أن إمكانية الطعن أُلْغِيَت منذ 2004 أو 2003 ... للأسف صدقتهم و انصرفت
و لم ينصرف مني إلى الآن شعور داخلي حالم برؤية أوراق إجابتي ... الرؤية
فقط !!
..
تظلّمي
و تأسّفي هذا جاء عن يقين تامّ بأجوبتي ...و لا مجال لأي شكّ في ذلك ،،و
لله الحمد فقد تعاطف الجميع معي فالصدمة شملتهم كما شملهم اليقين .....
آآآآه
ما
أزال من تلك اللحظة و إلى الآن أتساءل بشدّة عن الأسباب التي أدّت لهذا
الخطأ ... هل هو التّصحيح ؟ لا أظنّ أنّ أستاذا يمكن أن يضع على أجوبتي
نقطة كتلك النقطة إّلا إذا كان مهملا و خاليا من أدني أساسيات و أخلاقيّات
المهنة و العلم، هل ضاعت مجموعة من الأوراق ؟ لا أظنّ ، فلقد أحكمت إلصاقها
بنفسي قبل تقديمها للمراقب، هل هي عمليّة نقل النقاط ؟ هذا ما أظنّه و
الله أعلم .. و سواء كان الأمر عمدا أو سهوا فالنتيجة واحدة و السّهو بحدّ
ذاته ظلم ..
إنّ
هذه الحادثة قد قطعت عندي و عند من يحيطون بي الشّكّ تماما فيما يخصّ غياب
روح المسؤوليّة عند بعض المسؤولين عن السير "الحسن" (كما يحلو قوله عند
قادتهم) لبكالوريا دورة جوان 2011
سواء
تعلق الأمر بالأساتذة المصححين أو ناقلي النقاط ... فأنا لا أشككّ بهم و
لا بنزاهتهم ، بل أنا متيقن جدّا أنّ بعضهم لا يستحق أبدا أن يشارك في
عملية السّير "الحسن" للبكالوريا ، إنّهم عالة حقيقية على غيرهم و على
مهنهم و على ....و ....
فكم من تلميذ ظلم، و كم من أم بكت، و كم من أستاذ صدم، و كم من "تلاعبات" تمّت ... !!
و
في الأخير أعوذ بالله من الكبرياء و من الجزع و من كلّ شرّ و أحمده على
كلّ فضل و على نيلي لشهادة البكالوريا و على حصولي على رغبتي الأولى في
التخصص الجامعي بتسجيلي في المدرسة الوطنيّة العليا للإعلام الآلي حيث
تجاوز معدل الحد الأدنى للقبول في هذا التخصص ( 16.13 لشعبة الرياضيات) و
ذلك بمعدّل 16.29 و حسبي الله و نعم الوكيل على كل ظالم
و أقول ختاما في بيتين مرتجلين :
يعلّمني ظلمي مزيدا من الصّبرِ
و في كلّ شوك خطوة لرؤى الزّهْرِ
و للحقّ فوق الصّبر ألف قصيدة
ستروي انتصاراتي إلى منتهى عمْري !
رضا بورابعة - الجزائر في 02/08/2011م