لندن - فلسطين برس - يقول المحلل السياسي البريطاني سايمون تيزدول في مقال نشره في صحيفة "ذي غارديان" عنوانه "حان الوقت لانقاذ اسرائيل مرة اخرى" ان تحدي اسرائيل للرأي العام الدولي في رفضها قبول وقف اطلاق النار في غزة يتعارض بشكل حاد مع حاجتها المتزايدة الى مساعدة دولية لاخراج نفسها من المحنة التي وقعت فيها. وحتى اذا كسرت القوات الاسرائيلية قبضة "حماس" على الحكم في القطاع، يقر مسؤولون ان أي "نصر" من هذا النوع سيكون مؤقتا وسيجلب المزيد من الصعوبات في أعقابه. ووراء القنابل والتفجيرات مريرة النهاية، فان رسالة اسرائيل غير العلنية هي: نريد المساعدة. وكتب تيزدول قائلا: "لقد عارضت حكومات اسرائيلية سابقة "تدويل" نزاعات اسرائيل ولكن هذا الموقف يتغير. رئيس الوزراء الحالي، أيهود أولمرت، كان مسرورا لقبول قوة أممية معززة في جنوب لبنان بعد تعثر حملته العقابية ضد "حزب الله" عام 2006 في الرمال.
ويجادل دبلوماسيون اسرائيليون بلا نهاية بأن تهديدات القيادة الايرانية، وبرامج اسلحتها ونفوذها الأقليمي الواسع هي مشكلة دولية وليست فقط مشكلة اسرائيلية. واستحضرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني هذه النقطة في لقاءاتها مع القادة العرب خلال مؤتمر عقد في قطر في نيسان (ابريل) الماضي.
والآن يضغط المسؤولون الاسرائيليون من أجل "وجود دولي" بمحاذاة حدود غزة مع مصر بهدف لاغلاق الأنفاق التي تستخدمها "حماس" من اجل التزود باحتياجاتها من جديد. وباختصار فهم يطلبون مساعدة اجنبية للتقليل من فرص تجميع الاسلاميين صفوفهم سياسيا واعادة تسلحهم. وهم لا يستطيعون القيام بذلك منفردين.
وكتب ألوف بن، وهم كاتب عمود في صحيفة "هآرتس" يقول ان: "اسرائيل في مأزق، فهي لا تستطيع مغادرة غزة من دون أن تهزم "حماس" بشكل حاسم أولا، ومن ناحية ثانية، فاذا توجهت نحو احتلال كامل للقطاع، فقد تدفع ثمنا اقتصاديا وسياسيا باهظا من دون ان تحقق اهدافها السياسية.
ونتيجة لذلك فاسرائيل مثل مصرف مفرط في التوسع، تتطلع الى المجتمع الدولي لاجراء يعادل من الناحية الدبلوماسية عملية انقاذ مالية – من دون ان تقول ذلك بالفعل. وبالمثل، فان النتائج التي لا يتم الحديث عنها لأي رفض من جانب الأمم المتحدة او الاتحاد الاوروبي اوالمصريين للقيام بالدور لفترة طويلة ربما ستتمثل في فوضى أكبر في غزة وتظاهرة أكثر احراجا من الناحية السياسية ازاء العجز العربي والغربي.
وقال بن: "تحاول اسرائيل القيام بمناورة معقدة حول آلية دولية من شأنها منع تهريب الأسلحة الى غزة. ومن المتوقع ان تدعم مصر هذا المجهود، ولكن العمل الفعلي على الاراضي المصرية سيوكل الى الولايات المتحدة وقوى اجنبية اخرى".
وشدد مارك ريغيف، الناطق باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي أيهود اولمرت، على الأهمية البالغة لانهاء الترتيبات الحدودية المستقبلية من جانب اسرائيل قبل اي وقف لاطلاق النار. وقال امس: "ان منع حماس من حشد أسلحتها هو الأساس الضروري لأي ترتيب جديد للتهدئة. وهذه قضية مفصلية".
وقال دبلوماسي اسرائيلي: "نحن نرحب بفكرة قوة دولية اذا استطاعت ان تغير الامور كليا. ونحن ايجابيون فيما يتعلق بدور الأسرة الدولية. والسؤال هو ما نوع الصلاحيات التي ستكون لقوة كهذه؟ وكيف ستعمل؟ وماذا ستفعل اذا أطلق صاروخ؟ يجب ان يكون ذلك شيئا راسخا".
وبالنسبة للوسطاء الدوليين المحتملين، الذي ظلوا يدورون في حلقات مفرغة خلال الأيام العشرة الماضية دون هدف محدد عدا عن وقف العنف، فان اعتراف اسرائيل بحاجتها للمساعدة سيبدو وكأنه الفرصة التي كانوا ينتظرونها.
ومن ناحية أساسية، فالتحركات على قدم وساق لتشكيل قوة مراقبة دولية تغطي كل حدود غزة وليس فقط حدودها البرية مع مصر. واذا تحققت هذه الخطة، فستتحول غزة فعليا الى محمية دولية. اسرائيل قد يتم حمايتها من "حماس"، والفلسطينيون في غزة سيكونون محميين من اسرائيل.
ورغم أن ليفني بدات هذا الأسبوع وكأنها ترفض وجود قوة كبيرة على حدود غزة، فان الدبلوماسيين الأوروبيين لدى الأمم المتحدة يعتقدون أن من الممكن اقناع اسرائيل. وتقف الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية بالفعل وراء الفكرة، حيث دعوا يوم الاثنين الماضي الى نشر سريع للقوة. وقال مسؤول في وزارة الخارجية: "نحاول تحديد التركيبة المناسبة من المراقبين".
ويقول تقرير جديد صادر عن منظمة "الأزمات الدولية" المستقلة انه حان الوقت "للمجتمع الدولي كي يتدخل بشكل حاسم". وعندما يتوقف اطلاق النار، فان الجهود التي تقودها مصر بالتنسيق مع لاعبين اقليميين يجب ان تبذل لانهاء تهريب الأسلحة الى غزة ، وفقا للتقرير، ويجب فتح كل معابر غزة مع مصر واسرائيل ووضعها تحت الاشراف الأوروبي والفلسطيني المباشر.
الا ان هذه المنظمة أيدت ايضا "ارسال بعثة مراقبة متعددة الجنسيات للتأكد من الالتزام بوقف اطلاق النار، تعمل كهيئة ارتباط بين الجانبين لحل الأزمات المحتملة". وتقترح دولا مثل فرنسا وتركيا وقطر الذين يستطيعون لعب دور هام "كما فعلت فرنسا في لبنان عام 2006"، وربما من خلال قوة جديدة لها تفويض من الأمم المتحدة.
وتوجد فرصة الآن لدول مثل بريطانيا والدول الأوروبية وبعض الدول العربية، التي تضرب صدورها بصخب حول غزة، للقيام بعمل يحدث تغييرا عمليا بعيد المدى على الأرض. ويقول غوردون براون ان المجتمع الدولي يجب ان يبذل جهدا اكبر. فقد تكون محمية غزة هي الطريق للتقدم نحو الأمام".