القدس بين العربي والعبرية!!!!
إن فلسطين دولة عريقة لها أصول تضرب بجذورها في عمق التاريخ إلى ما يقرب من أربعة آلاف عام قبل الميلاد أي قبل اكتشاف الكتابة بنحو ستمائة عام أي وبمعنى آخر قبل أن يبدأ حتى التأريخ في عام 4000 ق بدأت هجرة قبائل عربية يطلق عليهم "الكنعانيون" إلى فلسطين وكانت تلك القبائل هي البذرة الأولى لميلاد الدولة الفلسطينية .
ويقول أ.د/ محمد خليفة حسن في هذا الشأن في مقاله "عروبة القدس في التاريخ القديم مع تحليل نقدي لصورة أورشليم في العهد القديم(1/2)" يقول:
"لاشك في أن عروبة القدس في التاريخ القديم أمر مرتبط ارتباطاً عضوياً بعروبة فلسطين في التاريخ القديم، ومن المعروف أن مدينة القدس مدينة كنعانية أنشأها اليبوسيون، وهم جماعة من الكنعانيين، ولذلك سميت المدينة باسم يبوس"قبل أن يتغير اسمها إلى "أوروساليم"، و الكنعانيون هم أجداد الفلسطينيين الذين سكنوا أرض كنعان. والكنعانيون عرب لأن موطنهم الأصلى شبه الجزيرة العربية حيث تكونوا كشعب عن إحدى الهجرات العربية السامية من الجزيرة العربية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، "
ومن الأمور الطريفة عن دولة الكنعانيين ما قاله المؤرخ هـ. ج. ويلز:
"إذا كان سليماً إعادة بناء الدولة اليهودية التي لم توجد من ألفي سنة على الأقل، ألا يكون من الأسلم العودة ألف سنة أخرى وإعادة بناء الدولة الكنعانية العربية."هـ. ج. ويلز (مؤرخ)
وخلال الألف عام التالية بدأ الكنعانيون في تأسيس قرى ومدن كنعانية إذن فالبداية كانت عربية مائه بالمائه، ثم تلى ذلك وفي الفترة من 2000 ـ 1200 ق م ظهور أنبياء الله ابراهيم واسحق ويعقوب ثم يوسف ـ عليهم السلام ـ وهي ما سميت بفترة الأنبياء.
فلنبدأ إذن بتاريخ هجرة يعقوب ـ عليه السلام ـ الملقب باسرائيل من بلاد كنعان ( فلسطين) إلي مصر بسبب المجاعة لأن الوزير المختص بالاقتصاد وقتها في مصر كان يوسف بن يعقوب ـ عليهما السلام ـ كما قال تعالي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ علىمٌ ﴾يوسف55
إذن هاجر يعقوب ـ عليه السلام ـ من كنعان لمصر في عام 1675 ق م وظلت سلالات بني إسرائيل نسبة ليعقوب ـ تنعم بالحياة هناك ثم تغير موقف المصريين القدماء حيث اتخذوا من بني إسرائيل خدما وعبيداً وبقي بنو إسرائيل كذلك إلى أن أرسل الله تعالي إليهم و إلى فرعون وقومه رسولين هما موسى وأخوه هارون ـ عليهما السلام ـ وهما من نسل يعقوب ـ عليه السلام ـ وظلا في مشادات مع فرعون مصر حتى فروا لسيناء في طريقهم لدخول فلسطين وعقب ذلك نزول التوراة وانقسامات بني إسرائيل وتيههم في الأرض وهو ما لن نفصله لشيوع معرفته
ولكن ما يهمنا هو أنه في عام 1250 ق م دخل طالوت الملقب ـ بيوشع بن نون حسب بعض الأقاويل ـ ومعه من تبقى من بني إسرائيل لفلسطين وظهر في تلك المعركة داود ـ عليه السلام ـ حيث قام الأخير بقتل جالوت ملك الكنعانيون (أهل فلسطين آنذاك).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾البقرة251
وسنتحدث هنا عن ماهية ذلك الفتح حسب الروايات اليهودية وغيرها وفيه سنذكر ما قاله "جوستاف لوبون":
( لم يكن هنالك فتح بالمعني الصحيح على الرغم من أقاصيص مؤرخيهم المملؤة انتفاخاً ومن تعدد الانتصارات وتقتيل الأهالي وانهيار أريحا )
إذن ما ذكره جوستاف لوبون أن اليهود وكما عهدناهم لم يكونوا ليدخلوا كنعان لولا تفكك الكنعانيين فيما بعضهم وانهيار دولتهم داخلياً و يبالغ العهد القديم في تصوير فتوحات يوشع بن نون خليفة موسى عليه السلام، فيصفه باعتباره نبياً وقائداً عسكرياً قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان واقتحمها بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيين والحثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين فأحرقوا بعض مدنهم وقتلوا رجالهم مستخدمين جميع الوسائل. ولا يخفى كذب هذه المبالغات على الباحث المدقق.
إذن نحن في كنعان في عام 1004 في هذا العام تولي سدة الحكم داود ـ عليه السلام ـ وأحب إضافة أمر هام هوان داود ـ عليه السلام ـ هو من شرع في بناء المسجد الأقصى ثم أتمه سليمان ـ عليه السلام ـ
جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه النسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن سليمان بن داود عليه السلام لما بني بيت المقدس سأل الله خلالاً ثلاثة: حُكماً يصادف حِكمة فأوتيه، وسأل الله عز وجل ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عز وجل، حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد، لا ينهزه إلا الصلاة فيه (أي لا يدفعه إلى القدوم إليه إلا نية الصلاة فيه) أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه فأوتيه".
كما يذكر: د/ محمد السيد على بلاسي ـ عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية والخبير الدولي بمنظمة الإيسيسكو ـ في مقاله الصادر في الأهرام المصري 5/11/1999 تحت عنوان "هيكل سليمان... والهيكل المزعوم" قال:
"أ ـ هيكل سليمان:
جاء في الكتاب المقدس أن داوود كان يريد أن يبني هيكلاً للرب في أورشليم ولكن النبي ناتان أبلغه ـ من لدن الرب ـ بأن يترك هذا المشروع لابنه سليمان (صمويل الثاني:7) لماذا ؟ إن داوود نفسه ليشرح سبب ذلك لابنه سليمان شرحاً له دلالته ومغزاه حتى في العصر الحديث وليسمع كهنة الصهيونية التوسعية في فلسطين الآن (أخبار الأيام الأولي:22): وقال داود لسليمان: يا بني، كان في خاطري أن أبني بيتاً لاسم الرب إلهي، فكان إلي كلام الرب قائلاً: قد سفكت دماً كثيراً، وقمت بحروب كبيرة فلن تبني بيتاً لاسمي، لأنك سفكت دماءً كثيرة أمامي على الأرض، وهاهو ذا ابن يولد لك، يكون رجل سلم، أسلمه من جميع أعدائه الذين من حوله، إذ سيكون اسمه سليمان، وسأعطي سلاماً وهدوءاً لبني إسرائيل في أيامه وهو يبني لاسمي بيتاً."
بصرف النظر عن هذا الكلام نخلص إلي أن المسجد الأقصى بإجماع المسلمين وحتى اليهود في كتبهم قد حدد داوود ـ عليه السلام ـ مكان بنائه وشرع فيه ولكن مات دون إتمامه فأتمه بدلاً منه ابنه سليمان ـ عليه السلام ـ
شيماء صلاح