لقد طال انتظارنا لك.. وشوقنا إليك.. لحسن معاملتك وأصيل معدنك، فكما يُقال: (الرجال معادن) .. يا من ارتضينا خلقه ودينه.. أهديك قطعة مني لتكون لك وصالاً لتسكن إليها..أهديك ثمرة عمري لتكون لك أرضاً وبستاناً لتحسن فيه الغراس بتقوى الله.. أسلمك من كانت ميدان جهادي لتكون لك واحة من شقاء الحياة.
أعلمتها حقك عليها من حُسن الطاعة لك.. فهل علمت ما لها عندك من حُسن القوامة والمعاشرة؟
فالرجولة حكمة وقوة ورحمة.. فبحكمتك تقود سفينة الحياة بها لتصلا إلى بر الأمان.. وبقوتك تحمي مملكتك من أعاصير الحياة.. وبرحمتك لها يدوم ودها لك.
لقد كانت ابنتي كريمةً عندنا فلتكن لها مكرماً ومعزاً.. ووعيتها على عظيم حقك عليها فوعت أنها بحسن تبعّلها لك ترضي ربها وتفوز بجنته؛ فلا تكن مانعاً لها نعيمَ الجنة بغضبك عليها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة". رواه الترمذي.
فليتسع صدرك لما يقع منها من أخطاء (فالذي لا يخطئ لا يتعلم) .. ولتكن لها زوجاً معلماً، توجّه إذا أخطأت.. وتثني بالحمد إذا أحسنت.. وتترفق في كل الأمور كما أمرك الرسول الكريم؛ إذ قال: "رفقاً بالقوارير"، وكما في الحديث الصحيح "استوصوا بالنساء خيراً". ووعيتها على ما ستجنيه في آخرتها من حصاد عشرتها لك؛ فأنت جنتها أو نارها.. فلتكن لهـا خير العشـير مقتدياً برسول الله حيث قال: "خيركم خيركم لأهله، و أنا خيركم لأهلي".
ابني وزوج ابنتي:
لتتزودا بعون الله -عز وجل- في الحفاظ على بيتكم بحسن طاعتكم لله.. ولتشكرا النعمة حتى تدوم؛ فقد قال الله عز وجل: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ". [إبراهيم:7] .
ولتستشعرا نعمة الله عليكم بما جعل بينكم من علاقة حميمة؛ ففيها مزيد من الحسنات كما بشر بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "وفي بضع أحدكم صدقة". ولتتذكرا وقتها عظم نعمة الحلال.. فكم من شاب سيُحرم الجنة بارتكابه كبيرة الزنا (إذا لم يتب توبة نصوحاً) .. وكم من فتاة باعت عفتها في الحرام استعجالاً لما أنتم فيه من نعمة.. فخسرت نفسها وذاقت ذل المعصية في الدنيا وسوء المصير في الآخرة (إذا لم تتب) .
واعلما أن كل شيء جميل يجذب أنظار الناس إليه؛ فحصّنا بيتكما بذكر الله حتى يحفظكما من شر الناس.. الذين يستكثرون نعم الله على عباده.
واجعلا منافذ بيتكما معبراً للنسيم العليل.. نسيم الصحبة الطيبة كما قال رسول الله في الحـديث:"لا تصاحب إلاّ مؤمناً و لا يأكل طعامك إلاّ تقي". رواه أبو داود والترمذي.
ولا تجعلا لرفقاء السوء إلى حياتكما سبيلاً؛ فبهم تزول النعم من شؤم صحبتهم.
وللأهل حق عظيم عليكم من حُسن عشرة وود وإكرام، كما قال رسول الله في الحديث: "تزوجوا الودود الولود". وأنت كذلك عليك بحسن العشرة لأهلها كما قال الله عز وجل: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ".[البقرة:228].
ولكن لتحذرا أن يتدخل كل كبير وصغير في أمور حياتكما؛ فبهذا تُهدم البيوت.. فأمور حياتكما أسرار لكما تعالجوها كما أمر الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".[البقرة: 153]. وكذلك بقوله "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ". [الشورى: 38].
فكل مشكلة مهما كبرت فهي صغيرة ما لم تخرج من بينكما.. وكم من مشكلات ومنغصات تغلّب عليها الزوجان بالحب والتراحم بينهما.. فتنصلح أمور دنياهم وآخرتهم. فهنيئاً لكما بنعيم الدنيا و الآخرة.. طالما عشتما في معية الله؛ فأنتم آية من آياته كما قال الله عز وجل: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".[الروم:21]. فأحسنوا التعبد لله تكونوا من الفائزين.