خلق المجتمع القارئد. عبداللطيف الصوفي
إن من أسمى واجبات المؤسسات التعليمية، خلق المجتمع القارئ، وتنمية قدرات
التلاميذ الفكرية والتعبيرية، وجعل المطالعة والبحث الذاتي عن المعلومات،
أولى ركائز التعليم، وأهم وسائله، مع ربطها بالحياة ومتطلباتها، كذلك
توسيع مدارك الدارسين العقلية، بفضل المعلومات المكتسبة ذاتياً، تحت إشراف
المدرسة، وبفضل الزاد المعرفي الذي توفره القراءة الحرة.
إن مساعدة التلاميذ، على بناء استراتيجية للفهم، عبر القراءة، أمر في غاية
الأهمية والمتعة، والأطفال بطبيعة الحال، يقبلون على قراءة أكثر، عندما
يفهمون ما يقرؤون، ثم إن المرء لا يقرأ جميع أنواع المواد المقروءة بغرض
واحد، صحيح أن القاسم المشترك لذلك، هو حب الاطلاع والمعرفة، ولكن المقصود
هنا، هو طريقة القراءة، أو اسلوبها، والغرض منها.
فنحن لا نقرأ مجلة علمية، أو كتاباً، أو قصة، أو رواية، بطريقة واحدة،
فالمجلة نلتقط منها المعلومات التقاطاً، والكتاب العلمي نقرؤه قراءة
مركزة، والقصة نقرؤها تصفحاً. ومن واجب المعلم أن يناقش هذه الأغراض
بتبسيط مع تلاميذه، تبعاً لمستوياتهم الدراسية. فقبل أن يقرأ أمامهم مقالة
في مجلة مثلاً، عليه أن يسأل : لماذا نقرأ هذا المقال؟ وما غرضنا من
قراءته؟ هل نبحث فيه عن معلومات معينة؟ وهي أسئلة يجب إعادة طرحها عليهم،
عند قراءة قصة مثلاً، أو قراءة رواية، أو كتاب علمي، أو غيره.
ومن المفيد أن يقسم المعلم السبورة في كل مرة إلى ثلاثة حقول، يكتب أعلى
الحقل الأول منها عنوان: (أشياء نعرفها)، وأعلى الحقل الثاني: (أشياء نريد
معرفتها). أما أعلى الحقل الثالث فيكتب: (أشياء نريد تعلمها). ثم يبدأ
بطرح الأسئلة حول الكتاب المعروض للقراءة.
أولها: ماذا تعرفون عن هذا الموضوع؟ ويسجل داخل الحقل الأول معارفهم حوله.
ثم يسأل: ما الذي تريدون معرفته حوله؟ ويسجل ما يريدون معرفته في الحقل
الثاني. ثم يسأل: ما الذي تريدون تعلمه واستنتاجه منه؟ ويسجلها في الحقل
الثالث. وبذلك يعرف التلاميذ الغرض من قراءة كل نوع من أنواع النصوص،
ويغدون يفكرون فيما يقرؤون، ولماذا؟ وكيف؟.
ومن نماذج الأسئلة، والمطالب التي يمكن طرحها مثلاً، حول قصة تمت قراءتها
من قبل التلاميذ داخل القسم، أو خارجه، بإشراف المعلم، ما يلي:
- ما الصعوبات التي صادفتكم عند قراءة هذه القصة؟
- ماذا حدث اولاً؟ وما هي المشكلة الرئيسية التي عالجتها القصة؟
- ما القضايا الأخرى التي عالجتها؟ وسبل التوصل إلى حل كل منها؟
- أعد رواية القصة بتعبيرك الخاص.
- ضع ملخصاً حول القصة.
- ما شعورك نحو القصة، وما مدى إعجابك بها؟
- تحدث عن زمان القصة، ومكانها، وهل لذلك تأثيرما على مجريات الأحداث؟
- حاول معالجة موضوع القصة، من وجهة نظرأخرى .
- اذكر سببين متشابهين في القصة.
- ما غرض الكاتب من كتابة هذه القصة؟
- ماذا تتوقع أن تكون الأحداث التالية، التي لم تقرأها بعد من القصة؟
- اكتب عنواناً آخر للقصة مناسباً.
لخلص بأسلوبك كل فصل من فصول القصة، واستخدم ذلك في كتابة ملخص عام عنها.
هذا جانب من جوانب توعية التلاميذ حول أهداف القصة، وأغراضها، ومجالاتها،
وتنمية جوانب التفكير الناقذ لديهم، وحسن معالجة الموضوعات الاجتماعية،
وغيرها، وتدريبهم على الكتابة، وعلى الخلق والإبداع، إنها مسؤولية المربين
في جميع مراحل التعليم، حيث تقوم المدرسة في كثير من الأحيان ، بمهام
الأسرة، التي تعاني ما تعاني ايضاً، من الجهل، وغياب الوعي القرائي، ولو"
تضافرت جهود معلم الابتدائية، ومدرس الثانوية، وأستاذ الكلية، على توليد
رغبة المطالعة في نفوس طلابهم، لاستطاعوا أن يخرجوا لنا جيلاً يتعشق
القراءة، ويتفانى في سبيل العلم، ويكون أعجوبة تفخر بها العصور والأجيال".
www.balagh.com