* كلمة دياسبورا كان يستخدمها اليهود الهيلينيون للإشارة إلى جماعات اليهود التي كانت تعيش متفرقة بين شعوب العالم.
مصطلح الشتات مصطلح قيمي وليس وصيا، لأنه يفترض أن الأقليات اليهودية المختلفة في العالم تربطها رابطة واحدة، وأنها متمركزة حول نقطة واحدة هي "أرض الميعاد" وأنها مشتتة بسبب وجودها خارج هذا المركز، أو بعيدة عنه.
للقاذورات
وقد حرمت القديسة هيلانة على اليهود دخول القدس وطردت بقاياهم منها.
ويواصل اليهود تغلغلهم في الدولة الرومانية مما لا ينفي عنهم دورهم في نزاعات الإمبراطورية الرومانية الداخلية وخير دليل على ذلك هو إعلان قام به "ثيودوس الأول" (371-395م) آخر إمبراطور للإمبراطورية الرومانية الموحدة أعلن أن لليهود الحق وحدهم في تحديد أسعار السلع والموازين
وهو الإعلان الذي تلاه بأعوام قليلة انقسام الإمبراطورية الرومانية ثم انهيارها بعد عدة عقود ثم ظهور النظام الإقطاعي وهو نظام ديني شبة عسكري ظهر في أوروبا ابتداءً من منتصف القرن السادس ويستبعد غير المسيحيين
و يعقب هذا إلغاء البطريركية اليهودية في فلسطين ـ ويقال أن هذا حدث بعد وفاة جملائيل السادس بطريرك اليهود ويقال له أيضاً الناسي أي الأميرـ الأمر الذي كان يعني القضاء على آخر مركز ديني ليهود العالم وانفراط عقد الجماعات اليهودية في أنحاء العالم، وبداية استقلال كل جماعة بتدبير كافة شؤونها بنفسها و يدخل في ذلك الأمور الدينية.
وكعادة اليهود في مختلف الأزمنة ازداد عدم تجانسهم عرقياً ودينياً في كل الدول التي نزلوا بها ففي أسبانيا أطلق عليهم السفارد وفي جنوب فرنسا (يهود البرفنسال) وفي إيطاليا (الإيطالياني) وفي الإمبراطورية البيزنطية (الرومانيون) وفي بولندا ( الأشكناز) وفي العالم العربي ( اليهود المستعربة)
ومن المعروف أن اليهود لم يكونوا أيضاً موضع ترحيب أينما حلوا فانعزالهم وإصرارهم على بناء مجتمعاتهم الخاصة في كل مكان يقيمون فيه كان دائماً مصدر قلق وارتياب لكل من يجاورهم
ولكن اليهود ظل لديهم على الرغم من ذلك دار علىا للفتوى في شؤونهم الدينية وهي مدارس فقهية تشريعية منها مدرسة سورا في العراق، وفومبديتا في آسيا الصغرى،
وهنا نصل للحدث الأهم في تاريخ البشرية جمعاء وهو ميلاد الرسول محمد بن عبد الله ــ عليه الصلاة والسلام ـ في عام 571م وهو الحدث الذي غير مسار التاريخ وبشكل جذري.
ولكننا للأسف لن نتعرض لهذا الحدث بالتفصيل حتى لا نخرج عن موضوع البحث
إذن نعود لمحور البحث والتحديد للدولة الرومانية فقد دبت الفرقة بين رجال الدين المسيحي الذين كانوا كما ذكرنا من قبل مسيطرين على الحكم بصورة أو بأخرى فراحوا يتنازعون حول طبيعة المسيح ـ عليه السلام ـ؛ هل كان ناسوتياً (إنسان له طبيعة البشر) أم لاهوتياً (له طبيعة الإله) أم له الطبيعتان معا!! وغيرها من المسائل الدينية، مما جعلهم فرقاً وجماعات متناحرة جعلت البلاد تتدهور وواكب ذلك تولي أمور البلاد من قبل أباطرة ضعفاء لم يستطيعوا رد العدوان الفارسي عنها، فأرسل كسرى جيشاً جراراً لمحاربة هرقل فانتصر عليه واحتل إيلياء في614م وذبح من سكانها أكثر من 90 ألفاً من المسيحيين وهدم الكثير من الأديرة... وأخذوا البطريرك زخريا إلى بلادهم أسيراً...
وكان لليهود دور كبير أثناء العدوان الفارسي حيث عاونوا الفرس على احتلال المدينة بل وكانوا يشاركون في قتل المسيحيين مما جعلهم موضع اضطهاد فيما بعد.
وقد فرح المشركون بنصر الفرس الوثنيين بينما حزن المسلمون لهزيمة الروم الذين هم أهل كتاب فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد أن هزيمة الروم لن تستمر ويبشر بأنهم سينتصرون لاحقاً على الفرس مما دفع أبو بكر رضي الله عنه إلى أن يراهن أحد المشركين على ذلك، قال تعالى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿الم{1} غُلِبَتِ الرُّومُ{2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ{3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ{4}﴾ (الروم:1-4).
ثم نعود مسرعين للجزيرة العربية لنرى أن الرسول الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ رغم أنه بعد الهجرة أعطى حق المواطنة لكل اليهود الذين كانوا يقطنوا المدينة المنورة ليتساووا مع المسلمين وغيرهم بها إلا أن نقض اليهود المستمر لوعودهم مع الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومحاولاتهم المستميتة للقضاء على زهرة الإسلام في مهدها دفعت الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لطردهم من الجزيرة العربية فيما بين عامي ( 624 ـ 628م)
ثم يصدق الوعد الحق وعد الله عز وجل ويعود الروم لينتصروا على الفرس كما قال تعالى, ففي عام 627م أعد هرقل قواته وحارب الفرس وانتصر عليهم، ثم عقد الفريقان معاهدة صلح أعيد بموجبها الأسرى إلى بلادهم كما أعيدت الغنائم التي نهبها الفرس، ودخل هرقل إيلياء عام 629م حاملاً على كتفه خشبة الصلىب التي استردها من الفرس، وانتقم من اليهود فقتل منهم الآلاف جزاء خيانتهم للروم أثناء الغزو الفارسي على إيلياء.
ثم يبدأ الفتح الإسلامي لأصقاع الأرض ومن قبله كان الرسول يقوم ببعث الرسائل والسفراء لشتي بقاع الأرض لدعوتهم للإسلام الدين الحق وبعث ضمن ما بعث في محرم لسنة سبع من الهجرة بعث لقيصر الروم رسالة ليدعوه هو وقومه للإسلام ولكن دون جدوى.
ثم بدا الفتح العسكري وما يعنينا هنا بعض المعارك التي أثرت فيما بعد في فتح القدس ومن تلك المعارك:
أ- معركة (اليرموك 634م) :ـ فبعد عامين من القتال المتواصل بين المسلمين والحاميات البيزنطية في بلاد الشام ابتداء بمعارك الداثن قرب غزة وأجنادين قرب الرملة، وفحل وبيسان في فلسطين، وآبل الزيت بالقرب من إربد في الأردن، ومآب في شرقي الأردن، وامتداداً إلى دمشق وحمص شمالاً، أدرك البيزنطيون خطورة حركة الفتح الإسلامية وعمد هرقل إلى حشد الجموع الهائلة بقيادة "ماهان" لإجلاء المسلمين عن بلاد الشام. ويقول أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بخصوص هذه الحشود في رسالته إلى عمر بن الخطاب:
"نفرت الروم إلينا براً وبحراً وسهلاً وجبلا ولم يخلفوا وراءهم رجلًا يطيق حمل السلاح إلا جاؤوا به".
ويقدر المقل من المؤرخين حشود البيزنطيين بمائة ألف، ويجعلهم المكثر أربعمائة ألف، وبين ذلك روايات أخرى. أما المسلمون فكانوا قلة فقد قيل أنهم كانوا أربعة وعشرين ألفاً، وقيل كانوا ستة وأربعين ألفاً، وكان بينهم ألف من الصحابة منهم مائة ممن حضر معركة بدر, واشترك في المعركة أيضاً عدد من القبائل العربية.
تقابل الجانبان وبدأ القتال بينهما على شكل مناوشات، وكان المسلمون في البداية يقاتلون مستقلين بإمرة أمرائهم، فكل أمير يقاتل وجنده، ثم بعد ذلك وحدت الصفوف تحت راية واحدة، وتنسب الروايات إلى خالد بن الوليد أمر وضع خطة القتال وتنظيم جند المسلمين بإزاء الروم. وأنه قسم الجيش ميمنة وميسرة وقلباً، وجعلهم كراديس باعتبار الكراديس أفضل تعبئة في رأي العين إزاء عدو له الكثرة الهائلة التي يتمتع بها البيزنطيون. وجعل خالد الجيش أربعة كراديس، وجعل لكل كردوس قائداً، فجعل على الميمنة عمرو بن العاص، وعلى الميسرة يزيد بن أبي سفيان، وأبا عبيدة بن الجراح في القلب، ووضع أمراء الجيش وأهل النجدة والشجاعة والبأس على هذه الكراديس، وجعل القصاص والقراء يحرضون الجند على القتال، ويستثيرون طاقاتهم الروحية، ووقفت النساء من خلف المقاتلين يحضضن على القتال. ومما يروى عن خالد بن الوليد في كلمة مشهورة رد فيها على من استكثر الروم واستقل المسلمين قوله:
"ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان".
وانتصر المسلمون في هذه المعركة بفضل الله وحوله وقوته، وكانت هذه المعركة من المعارك الحاسمة التي مهدت لفتح بقية الشام، وبيت المقدس فيما بعد.
ب- معركة (الفحل 635م):ـ وهي بعد اليرموك بعام واحد ولقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى موضع فحل أو عين فحل جنوبي شرق بيسان من أرض فلسطين وهي من أيام العرب الكبيرة مع الروم التي اختلف في ترتيبها إلى الوقائع الأخرى في الشام بسبب حدوثها في عام واحد مع أجنادين، أي بعد خمسة أشهر من خلافة عمر بن الخطاب.